للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّيْلِ من وَجَعٍ أو غَيْرِهِ، صلى من النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَة). فدل ذلك على أنه كان يقضي التهجد دون الوتر.

واستدلوا بحديث أخرجه الترمذي عن ابن عمر عن النبي قال: «إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ كُلُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ وَالْوِتْرُ، فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوع الشمس».

واعْتُرِضَ عليه بأن في إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهو ضعيف.

أما دليلهم من المعقول: فما قاله شيخ الإسلام: الوتر لا يُقضى لفوات محله، فهو كتحية المسجد.

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من استحباب قضاء الوتر إذا استيقظ أو ذكره، لعموم قول النبي : «مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّهِ إِذَا ذَكَرَهُ» (١).

• المبحث الثامن: مشروعية الصلاة بعد الوتر: وفيه مطالب:

• المطلب الأول: هل تُشرع الصلاة بعد الوتر؟

ذهب جمهور العلماء إلى مشروعية الصلاة بعد الوتر، وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة (٢).

واستدلوا لذلك بما روى مسلم (٣) عن أبي سلمة قال: سألت عائشة عن صلاة

رسول الله فقالت: «كان يُصَلِّي ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي ثَمَانَ رَكَعَاتٍ ثُمَّ يُوتِرُ، ثُمَّ


(١) مَنْ تعمد ترك الوتر حتى فات وقته لا يُشرع له قضاؤه؛ لأن الأمر بالقضاء في الحديث جاء مقيدًا بمن نام عنه أو نسيه. انظر: «فتح الباري» لابن رجب (٩/ ١٦٠)، و «المحلى» (٣/ ١٠١) و «سنن الترمذي» (٢/ ٣٣٣). وأن وقت قضاء الوتر إذا استيقظ أو ذكر في أي وقت كان ليلًا أو نهارًا، وهذا ظاهر في حديث: «من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره». انظر: «المحلى» (٣/ ١٠١) و «نيل الأوطار» (٣/ ٤٨). وفي «فتاوى» الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ (٢/ ٢٤٩): قضاء الوتر على صفته. هذا قول، وقول أنه يضم إليه واحدة ويكون شفعًا، وشيخ الإسلام أطلق الظاهر أنه على صفته.
(٢) «شرح معاني الآثار» للطحاوي (١/ ٣٤١)، و «موطأ مالك» (١/ ١٢٥)، و «المجموع» (٥/ ١٥، ١٦). و «مسائل أبي داود» (١٩٤)، و «الكافي» لابن قدامة (١/ ١٥٠).
(٣) أخرجه مسلم (١/ ٥٠٩).

<<  <   >  >>