للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المبحث الثالث: جواز التطوع لمن عليه قضاء:

أولًا: إن قضاء رمضان على التراخي؛ لأنها عبادة تتعلق بوقت موسع، فجاز التطوع في وقتها، كما في السنن الرواتب، كراتبة الفجر والظهر القَبْلية.

ثانيًا: لم يأت نص من الكتاب أو السنة يمنع من الاشتغال بالتطوع لمن عليه قضاء.

• المبحث الرابع: من مات وعليه صيام لم يَخْلُ من حالين:

• الحال الأولى: أن يموت قبل إمكان القضاء.

قال ابن قدامة (١): أَحَدُهُمَا: أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ إمْكَانِ الصِّيَامِ، إمَّا لِضِيقِ الْوَقْتِ، أَوْ لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ، أَوْ عَجْزٍ عَنِ الصَّوْمِ، فَهَذَا لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَحُكِيَ عَنْ طَاوُسٍ وَقَتَادَةَ أَنَّهُمَا قَالَا: يَجِبُ الْإِطْعَامُ عَنْهُ; لِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ سَقَطَ بِالْعَجْزِ عَنْهُ، فَوَجَبَ الْإِطْعَامُ عَنْه، كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ إذَا تَرَكَ الصِّيَامَ لِعَجْزِهِ عَنْهُ. وَلَنَا أَنَّهُ حَقٌّ لِله تَعَالَى وَجَبَ بِالشَّرْعِ، مَاتَ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ إمْكَانِ فِعْلِهِ، فَسَقَطَ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ كَالْحَجِّ.

قال النووي (٢): لو كان عليه قضاء شيء من رمضان، فلم يصم حتى مات، نظرت: فإن أخره لعذر اتصل به الموت، لم يجب عليه شيء؛ لأنه فَرْض لم يتمكن من فعله إلى الموت فسقط حكمه كالحج.

• الحال الثاني: من مات وعليه صيام بعد إمكان القضاء، هل يصوم عنه وليُّه؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوال:

• القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يصام عن الميت، بل يطعم عنه مكان كل يوم مسكينًا، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي في الجديد (٣).

واستدلوا لهذا القول بالسنة والمأثور:

أما دليلهم من السنة: فعن عبادة بن نسي قال: قال النبي : «من مرض فلم يزل


(١) «المغني» (٤/ ٣٩٨).
(٢) «المجموع» (٦/ ٣٦٧).
(٣) «فتح الباري» (٤/ ٢٢٨)، و «المغني» (٤/ ٣٩٨)، و «المجموع» (٦/ ٣٦٧).

<<  <   >  >>