(٢) نص فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: السؤال: يوجد دواء مع المرضى بمرض الربو يأخذونه بطريق الاستنشاق، هل يفطر أم لا؟ الجواب: دواء الربو الذي يستعمله المريض استنشاقًا يصل إلى الرئتين عن طريق القصبة الهوائية لا إلى المعدة، فليس أكلًا ولا شربًا ولا شبيهًا بهما، وإنما هو شبيه بما يقطر في الإحليل وما تُداوى به المأمومة والجائفة وبالكحل والحقنة الشرجية ونحوها من كل ما يصل إلى الدماغ أو البدن من غير الفم أو الأنف. وهذه الأمور اختلف العلماء في تفطير الصائم باستعمالها: فمنهم من لم يفطر الصائم باستعمال شيء منها، ومنهم من فطره باستعمال بعض دون بعض. مع اتفاقهم جميعًا على أنه لا يسمى استعمال شيء منها أكلًا ولا شربًا. لكن من فطر باستعمالها أو بشيء منها جعله في حكمها بجامع أن كلًّا من ذلك يصل إلى الجوف باختيار، ولِما ثبت من قول النبي ﷺ: «وَبَالِغْ في الاِسْتِنْشَاقِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ صَائِمًا» فاستثنى الصائم من ذلك مخافة أن يصل الماء إلى حلقه أو معدته بالمبالغة في الاستنشاق فيفسد الصوم، دل على أن كل ما وصل إلى الجوف اختيارًا يفطر الصائم. ومن لم يحكم بفساد الصوم بذلك كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ومن وافقه - لم ير قياس هذه الأمور على الأكل والشرب صحيحًا، فإنه ليس في الأدلة ما يقتضي أن المفطر هو كل ما كان واصلًا إلى الدماغ أو البدن، أو ما كان داخلًا من منفذ أو واصلًا إلى الجوف. وحيث لم يقم دليل شرعي على جعل وصف من هذه الأوصاف مناطًا للحكم بفطر الصائم يصح تعليق الحكم به شرعًا، وجَعْل ذلك في معنى ما يصل إلى الحلق أو المعدة من الماء بسبب المبالغة في استنشاقه - غير صحيح أيضا لوجود الفارق؛ فإن الماء يغذي فإذا وصل إلى الحلق أو المعدة أفسد الصوم، سواء كان دخوله من الفم أو الأنف؛ إذ كل منهما طريق فقط؛ ولذا لم يفسد الصوم بمجرد المضمضة أو الاستنشاق دون مبالغة ولم ينه عن ذلك. فكون الفم طريقًا وَصْف طردي لا تأثير له فإذا وصل الماء ونحوه من الأنف كان له حكم وصوله من الفم، ثم هو والفم سواء. والذي يظهر عدم الفطر باستعمال هذا الدواء استنشاقًا؛ لما تقدم من أنه ليس في حكم الأكل والشرب بوجه من الوجوه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. «النوازل الفقهية المعاصرة» (ص ١٩٨، ١٩٩).