قال زين الدين أبو الفضل (١) في قوله: «وأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلَاةِ»: إن الأفضل إخراجها قبل الخروج إلى الصلاة، وقد صرح بذلك الفقهاء من المذاهب الأربعة، وزاد الحنابلة على ذلك فجعلوا تأخيرها عن الصلاة مكروهًا، وذلك أعلى درجات الاستحباب، هذا هو المشهور عندهم، وقال القاضي منهم: ليس ذلك بمكروه.
وزاد ابن حزم الظاهرى على ذلك فقال بالوجوب، وأنه لا يجوز تأخيرها عن الصلاة، وعبارته: ووقت زكاة الفطر أثر طلوع الفجر الثاني ممتد إلى أن تبيض الشمس وتحل الصلاة من ذلك اليوم.
ثم استدل بهذا الحديث. ولا حجة له فيه؛ لأنه صيغة أمر محتملة للاستحباب، كاحتمالها للإيجاب، وليست ظاهرة في إحداهما للإيجاب، بخلاف صيغة فإنها ظاهرة في الوجوب، فلما ورد هذا الحديث بصيغة الأمر اقتصرنا على الاستحباب؛ لأنه الأمر المتيقن، والزيادة على ذلك مشكوك فيها.
• المبحث السادس عشر: هل يجوز تأخير زكاة الفطر بعد يوم العيد؟
لا يجوز ذلك.
قال الشوكاني: وَأَمَّا تَأْخِيرُهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ فَقَالَ ابْنُ رَسْلَانَ: إنَّهُ حَرَامٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهَا زَكَاةٌ وَاجِبَةٌ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ في تَأْخِيرِهَا إثْمٌ، كَمَا في إخْرَاجِ الصَّلَاةِ عَنْ وَقْتِهَا.
قال ابن قدامة: إِنْ أَخَّرَهَا عَنْ يَوْمِ الْعِيدِ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ.