للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالنَّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ فَيَعِظُهُمْ وَيُوصِيهِمْ وَيَأْمُرُهُمْ فَإِنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْطَعَ بَعْثًا قَطَعَهُ أَوْ يَأْمُرَ بِشَيْءٍ أَمَرَ بِهِ ثُمَّ يَنْصَرِفُ».

قال أَبُو سَعِيدٍ: فَلم يَزَلِ النَّاسُ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى خَرَجْتُ مَعَ مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ المدِينَةِ في أَضْحًى أَوْ فِطْرٍ، فَلما أَتَيْنَا المصَلَّى إِذَا مِنْبَرٌ بَنَاهُ كَثِيرُ بْنُ الصَّلْتِ، فَإِذَا مَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَرْتَقِيَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَجَبَذْتُ بِثَوْبِهِ فَجَبَذَنِي، فَارْتَفَعَ فَخَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ. فَقُلْتُ لَهُ: غَيَّرْتُمْ وَاللَّهِ. فَقال: أَبَا سَعِيدٍ، قَدْ ذَهَبَ مَا تَعْلم. فَقُلْتُ: مَا أَعْلم وَاللَّهِ خَيْرٌ مِمَّا لَا أَعْلم. فَقَالَ: إِنَّ النَّاسَ لم يَكُونُوا يَجْلِسُونَ لَنَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَجَعَلْتُهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ.

قال الشافعي (١): وَلَا بَأْسَ أَنْ يَخْطُبَ على مِنْبَرٍ، فَمَعْلُومٌ عنه أَنَّهُ خَطَبَ على المنْبَرِ يوم الْجُمُعَةِ وَقَبْلَ ذلك كان يَخْطُبُ على رِجْلَيْهِ قَائِمًا إلَى جِذْعٍ.

• الحاصل: أنه لم يصح أن النبي خطب للعيد على منبر، وهذا هو السنة، ولكن إذا كثر الناس، ودعت الحاجة إلى المنبر لبروز الإمام للناس، فقد قال الشافعي : لا بأس بذلك، والله أعلم.

[المبحث الثالث: من السنة حضور خطبة العيد والاستماع لها]

قال الشوكاني (٢): وقد اتفق الموجبون لصلاة العيد وغيرهم على عدم وجوب خطبته، ولا أعرف قائلًا بوجوبها.

وورد في الباب حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قال: شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ الله الْعِيدَ، فَلما قَضَى الصَّلَاةَ قال: «إِنَّا نَخْطُبُ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ» (٣).


(١) «الأم» (١/ ٣٦).
(٢) «نيل الأوطار» (٣/ ٣٦٣)، وانظر: «بدائع الصنائع» (١/ ٢٧٥)، و «المغني» (٣/ ٢٧٩).
(٣) ضعيف: أخرجه أبو داود (١١٥٥)، والنسائي (١٥٧٠)، وفي «الكبرى» (١/ ٥٤٨/ ١٧٧٩)، وابن ماجه (١٢٩٠) وغيرهم من طريق الفضل بن موسى عن ابن جريج عن عطاء عن عبد الله ابن السائب به، وابن جريج لم يصرح بالتحديث، قال الحافظ: والفضل بن موسى ثقة ثبت، ربما أغرب. وقد خالف الفضل بن موسى عبد الرزاق وسفيان وهشام، فرووه عن ابن جريج مرسلًا كما في «المصنف» لعبد الرزاق (٣/ ٢٩٠)، و «السنن الكبرى» للبيهقي (٣/ ١٠٣) وغيرهما. وصحح الإرسال النسائي وأبو داود وأبو زرعة وابن معين. انظر: «علل ابن أبي حاتم» (١/ ١٨٠)، و «تاريخ ابن معين» (٣/ ١٥)، و «نصب الراية» (٢/ ٢٢١).

<<  <   >  >>