للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: ولا يلزمها الاستئذان في صيام الفريضة كرمضان وغيره.

قال ابن حزم (١): وَصِيَامُ قَضَاءِ رَمَضَانَ، وَالْكَفَّارَاتُ، وَكُلُّ نَذْرٍ تَقَدَّمَ لَهَا قَبْلَ نِكَاحِهَا إيَّاهُ - مَضْمُومٌ إلَى رَمَضَانَ؛ لأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى افْتَرَضَ كُلَّ ذَلِكَ كَمَا افْتَرَضَ رَمَضَانَ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لمؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾ فَأَسْقَطَ اللَّهَ ﷿ الاخْتِيَارَ فِيمَا قَضَى بِهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ النَّبِيُّ الإِذْنَ وَالاسْتِئْذَانَ فِيمَا فِيهِ الْخِيَارُ، وَأَمَّا مَا لا خِيَارَ فِيهِ وَلا إذْنَ لأَحَدٍ فِيهِ وَلا في تَرْكِهِ وَلا في تَغْيِيرِهِ، فَلا مَدْخَلَ لِلاسْتِئْذَانِ فِيهِ، هَذَا مَعْلُومٌ بِالْحِسِّ، وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِي تَخْصِيصُهُ إذْنَ الْبَعْلِ فِيهِ؛ وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

• المبحث السادس: صوم الدهر:

اختلف أهل العلم في حكم صيام الدهر على قولين:

• القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى جواز صيام الدهر، ما لم يصم أيام العيدين وأيام التشريق.

قال الإمام مالك (٢): إنَّهُ سَمِعَ أَهْلَ الْعِلم يَقُولُونَ: لَا بَأْسَ بِصِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الأَيَّامَ الَّتِي نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنْ صِيَامِهَا، وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى.

قال الإمام الشافعي (٣): فإن قوي على صوم الدهر كله إذا أفطر الأيام التى نُهى عنها، فحسن.

قال الإمام أحمد (٤): إذَا أَفْطَرَ يومي الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ، رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ بِذَلِكَ بَأْسٌ واستدلوا بما ورد في الصحيحين (٥) عن عائشة أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الأَسْلمىَّ سَأَلَ


(١) «المحلى» (٧/ ٣٠).
(٢) «الموطأ» (١/ ٣٤٤).
(٣) «معرفة السنن والآثار» (٣/ ٤٤٤).
(٤) «المغني» (٤/ ٤٣٠).
(٥) صحيح: وقد سبق تخريجه.

<<  <   >  >>