للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى رَجُلٌ أَسْرُدُ الصَّوْمَ، أَفَأَصُومُ في السَّفَرِ؟ قال «صُمْ إِنْ شئتَ، وَأَفْطِرْ إِنْ شئت».

وجه الدلالة منه: أن حمزة أخبر النبي أنه يسرد الصوم، ولم ينكر النبي عليه، فدل ذلك على الجواز.

واعْتُرِض عليه بما قاله الحافظ ابن حجر (١): وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سُؤَال حَمْزَة إِنَّمَا كَانَ عَنْ الصَّوْم في السَّفَرِ لَا عَنْ صَوْم الدَّهْر، وَلَا يَلْزَم مِنْ سَرْدِ الصِّيَامِ صَوْمُ الدَّهْرِ فَقَدْ قَالَ أُسَامَة بْن زَيْد: إِنَّ النَّبِيَّ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَيُقَالُ: لَا يُفْطِرُ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَمِنْ المعْلُوم أَنَّ النَّبِيّ لم يَكُنْ يَصُومُ الدَّهْرَ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ السَّرْدِ صِيَامُ الدَّهْرِ.

الدليل الثانى: عن أبى أيوب الأنصارى أن رسول الله قال «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» (٢).

وجه الدلالة منه: أن النبي قال: «كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ»، فدل ذلك على أن صوم الدهر أفضل مما عُدل به، وأن صيام الدهر مطلوب، ويشبه هذا من سأل عن عمل يعدل الحج فقيل: (عمرة في رمضان)، فلا يُتصور أن العمرة في رمضان أفضل من الحج، فكذلك صوم الدهر مع ترك الأيام التى نهى عنه كيومى العيد وأيام التشريق أفضل من صيام رمضان مع إتباعه بصوم ستة أيام من شوال.

أما دليلهم من المأثور:

١ - فعن ابن عمر ﴿: «أن عمر كان يسرد الصوم قبل موته» (٣).

٢ - عن أنس بن مالك : «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ صَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، لَا يُفْطِرُ إِلاَّ يوم فِطْرٍ أَوْ أَضْحى أَوْ في مَرَضٍ» (٤).


(١) «فتح الباري» (٤/ ٢٦٢).
(٢) صحيح: وقد سبق تخريجه.
(٣) صحيح: أخرجه الطبرى في «تهذيب الآثار» (١/ ٥٠٨ - مسند عمر).
(٤) صحيح: أخرجه الحاكم في «المستدرك» (٣/ ٣٥٣).

<<  <   >  >>