للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِوُجُوبِ أَدَائِهِ عِنْدَ المطَالَبَةِ، وَتَأَكُّدِهِ بِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٍ لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ، وَكَوْنُهُ أَسْبَقَ سَبَبًا وَأَقْدَمَ وُجُوبًا يَأْثَمُ بِتَأْخِيرِهِ، فَإِنَّهُ يُسْقِطُ غَيْرَ الْفِطْرَةِ، وَإِنْ لم يُطَالَبْ بِهِ؛ لِأَنَّ تَأْثِيرَ المطَالَبَةِ إنَّمَا هُوَ في إلْزَامِ الْأَدَاءِ وَتَحْرِيمِ التَّأْخِيرِ (١).

• المبحث السادس: المقدار الواجب في صدقة الفطر:

• إخراج صاع من كل الأصناف بالإجماع عدا الحنطة والزبيب، فمختلف فيهما:

قال النووي (٢): فأما إن كان غير حنطة وزبيب، وجب صاع بالإجماع.

قال ابن رشد (٣): فإن العلماء اتفقوا على أنه لا يؤدي في زكاة الفطر من التمر والشعير أقل من صاع؛ لثبوت ذلك في حديث ابن عمر.

المقدار الواجب في الحنطة والزبيب:

اختلف أهل العلم في المقدار الواجب في الحنطة والزبيب على قولين:

• القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا يجزئ من الحنطة والزبيب أقل من صاع، وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد (٤).

واستدلوا لذلك بما ورد في الصحيحين من حديث ابن عمر ﴿أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ فَرَضَ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى كُلِّ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنَ المسْلمينَ.

وجه الدلالة منه: ما قاله الحافظ ابن حجر (٥): وَكَأَنَّ الْأَشْيَاءَ الَّتِي ثَبَتَ ذِكْرُهَا في حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ لما كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً في مِقْدَارِ مَا يُخْرَجُ مِنْهَا مَعَ مَا يُخَالِفُهَا في الْقِيمَةِ - دَلَّ عَلَى أَنَّ المرَادَ إِخْرَاجُ هَذَا المقْدَارِ مِنْ أَيِّ جِنْسٍ كَانَ، فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا. هَذِهِ حُجَّةُ الشَّافِعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ.


(١) «المغني» (٤/ ٣١٦).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٣/ ٤١٧).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ٢٨١).
(٤) «المغني» (٤/ ٢٨٥).
(٥) «فتح الباري» (٤/ ٤٣٧).

<<  <   >  >>