للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام (١): فإذا كان الإحرام الذي هو ألزم العبادات بالشروع يجوز فيه المخالفة بالشرط، فالاعتكاف أَوْلي.

وممن قال بجواز الاشتراط للمعتكف: عطاء بن أبي رباح، وإبراهيم النخعي، وقتادة (٢).

قال الشافعي (٣): وَلَا بَأْسَ بِالاِشْتِرَاطِ في الاِعْتِكَافِ الْوَاجِبِ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: «إنْ عَرَضَ لي عَارِضٌ كان لي الْخُرُوجُ»

وقيل لأحمد: تُجِيزُ الشَّرْطَ في الِاعْتِكَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قُلْت لَهُ: فَيَبِيتُ في أَهْلِهِ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ تَطَوُّعًا، جَازَ (٤).

قال ابن حزم: وَجَائِزٌ لِلمعْتَكِفِ أَنْ يَشْتَرِطَ مَا شَاءَ مِنْ المبَاحِ وَالْخُرُوجِ لَهُ،؛ لأنه بِذَلِكَ إنَّمَا الْتَزَمَ الاِعْتِكَافَ في خِلَالِ مَا اسْتَثْنَاهُ، وَهَذَا مُبَاحٌ لَهُ، أَنْ يَعْتَكِفَ إذَا شَاءَ، وَيَتْرُكَ إذَا شَاءَ؛ لأنَّ الاِعْتِكَافَ طَاعَةٌ، وَتَرْكَهُ مُبَاحٌ، فَإِنْ أَطَاعَ أُجِرَ، وَإِنْ تَرَكَ لم يَقْضِ.

قلت: كره الاشتراط في الاعتكاف مالك. قال: ولم أسمع أحدًا من أهل العلم يذكر في الاعتكاف شرطًا.

الراجح: جواز الاشتراط في الاعتكاف؛ لأنه إذا كان يجوز الاشتراط في الحج، فالاشتراط في الاعتكاف أَوْلى بالجواز، والله أعلم.

• المبطل الثاني: الجماع: وفيه مباحث:

• المبحث الأول: إذا جامع المعتكف زوجته بطل اعتكافه.

قال تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ في المسَاجِدِ﴾.

قال قتادة في تأويل هذه الآية: كَانَ النَّاسُ إِذَا اعْتَكَفُوا يَخْرُجُ الرَّجُلُ فَيُبَاشِرُ أَهْلَهُ ثُمَّ


(١) كتاب «الصيام شرح العمدة» (٢/ ٨٠٩).
(٢) انظر: «مصنف ابن أبي شيبة» (٣/ ٨٩)، وعبد الرزاق (٨٠٤٢، ٨٠٤٣، ٨٠٤٥، ٨٠٤٦، ٨٠٤٧) بأسانيد بعضها حسنة وبعضها صحيحة.
(٣) انظر: «الأم» (/ ١٥٧).
(٤) انظر: «المغني» (٤/ ٤٧١).

<<  <   >  >>