للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المبحث الخامس: ما هو حكم صيام يوم الغيم؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أقوالٍ (١):

• القول الأول: ذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد إلى أنه لا يصام يوم الغيم (٢).

واستدلوا لهذا القول بالسنة ففي «الصحيحين» (٣) عن أبى هريرة قال: قال النبي أو قال أبو القاسم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» وفى رواية لمسلم: «فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ ثَلَاثِينَ».

وروى البخاري (٤) عن ابن عمر ﴿أن رسول الله قال: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ ليلة، فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكَمِلُوا العِدةَ ثلاثين».

عن صلة قال: كنا عند عمار في اليوم الذى يُشَكُّ فيه من رمضان، فأُتِىَ بشاةٍ فتنحَّى بعض القوم، فقال عمار بن ياسر: «مَنْ صَامَ يوم الشَّكِّ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ » (٥).


(١) السبب في الخلاف: هو ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر ﴿قال: سمعت رسول الله يقول: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ» أخرجه البخاري (١٩٠٠)، ومسلم (١٠٨٠). قال النووي في «شرح مسلم»: وَاخْتَلَفَ الْعُلماء فِي مَعْنَى (فَاقْدُرُوا لَهُ) فَقَالَتْ طَائِفَة مِنْ الْعُلماء: مَعْنَاهُ ضَيِّقُوا لَهُ وَقَدِّرُوهُ تَحْت السَّحَاب. وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمَد بْن حَنْبَل وَغَيْره مِمَّنْ يُجَوِّز صَوْم يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ عَنْ رَمَضَان، وَقَالَ اِبْن سُرَيْج وَجَمَاعَة، مِنْهُمْ مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه وَابْن قُتَيْبَة وَآخَرُونَ: مَعْنَاهُ قَدِّرُوهُ بِحِسَابِ المنَازِل. وَذَهَبَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَجُمْهُور السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: قَدِّرُوا لَهُ تَمَام الْعَدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِالرِّوَايَاتِ المذْكُورَة، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّة ثَلَاثِينَ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ فاقْدُرُوا لَهُ.
(٢) «المدونة» (١/ ١٨٢). قال ابن قدامة: في «المغني» (٤/ ٣٣٠): يوم الغيم لا يجب صومه، وهو قول أكثر أهل العلم، منهم أبو حنيفة ومالك والشافعي.
(٣) أخرجه البخاري (١٩٠٩)، ومسلم (١٠٨١) (٢٠).
(٤) أخرجه البخاري (١٩٠٧) والأحاديث التى تدل على هذا المعنى كثيرة.
(٥) صحيح: أخرجه البخاري معلقًا باب قول النبي : «إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَالَ فَصُومُوا»، وأخرجه النسائي (٤/ ١٥٣)، وأبو داود (٢٣٣٤)، والترمذي (٦٨٦)، وغيرهم، من طرق عن عمرو بن قيس الملائى، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار … فذكره». وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ٧٢)، من طريق عبد العزيز بن عبد الصمد، عن منصور عن ربعي عن خراش عن عمار بن ياسر وذكر القصة ولم يذكر الحديث. وخالفه الثوري كما في «مصنف عبد الرزاق» (٤/ ١٥٩)، أخرجه من طريق الثوري عن منصور عن ربعى عن رجل عن عمار موقوفًا، وصحح الحديث: الدارقطني والترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.

<<  <   >  >>