للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما دليلهم من المأثور:

١ - فعن عبد الرحمن بن أبى ليلى، قال: كُنْتُ مَعَ عُمَرَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ الْهِلالَ هِلالَ شَوَّالٍ. فَقال عُمَرُ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَفْطِرُوا. ثُمَّ قَامَ إِلَى عُسٍّ فِيهِ مَاءٌ فَتَوَضَّأَ» (١)، واعترض عليه بأنه لا يصح.

٢ - وعن عبد الملك بن ميسرة قال: «شَهِدْتُ المدِينَةَ في هِلَالِ صَوْمٍ أَوْ إفْطَارٍ، فَلم يَشْهَدْ عَلَى الْهِلَالِ إِلاَّ رَجُلٌ، فَأَمَرَهُمَ ابْنُ عُمَرَ فَقَبِلُوا شَهَادَتَهُ» (٢).

وأُجِيبَ بأنه ليس بصريح في المسألة لشك الراوي أكان ذلك في هلال صوم، أو إفطار.

وأما دليلهم من المعقول: فقاسوا على رؤية هلال شوال برؤية هلال رمضان، فإذا كان يثبت هلال رمضان برؤية عدلٍ فكذا هلال شوال.

واعترض عليه: بما قاله ابن رشد (٣): وإنما فَرَّقَ من فَرَّقَ بين هلال الصوم والفطر لمكان سد الذريعة، ألا يدَّعي الفساق أنهم رأوا الهلال فيفطرون وهم بعد لم يروه.

قلت (محمد): وقد نقل الإجماع ابن عبد البر والترمذي على أنه لا تُقبل في هلال شوال في الفطر إلا شهادة رجلين عدلين.


(١) ضعيف: أخرجه أحمد (١/ ٢٨)، وعبد الرزاق (٧٣٤٣)، وغيرهما، من طرق عن عبد الأعلى الثعلبي، عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى، عن عمر به. قلت: وفيه علتان:
العلة الأولى: عبد الأعلى الثعلبي ضعيف، ضعفه أحمد وأبو حاتم وأبو زرعة والنسائي وابن معين.
العلة الثانية: الخلاف في سماع عبد الرحمن بن أبي ليلى من عمر. قال ابن عدي: يحدث بأشياء لا يتابع عليها. قال محمد بن علي: قلت لأبي نعيم: سمع ابن أبي ليلى من عمر؟ قال: لا أدري. قال محمد بن علي: قلت ليحيى بن معين: سمع ابن أبي ليلى من عمر؟ فلم يثبت ذلك، ولكن قال مسلم في «المقدمة»: وأسند عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد حفظ من عمر بن الخطاب، قلت: ومما يعل هذا الأثر أنه ورد ما يخالف ذلك عن عمر.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٩٤٦٦).
(٣) «بداية المجتهد» (١/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>