للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المبحث الثاني: هل تجب الكفارة على المرأة إذا طاوعت الرجل على الجماع في نهار رمضان؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين (١):

• القول الأول: ذهب جمهور العلماء إلى أن المرأة إذا طاوعت الرجل على الجماع في نهار رمضان تجب عليها الكفارة كالرجل، وبه قال الحنفية والمالكية والشافعية في وجه والحنابلة في رواية (٢).

واستدلوا بحديث أبي هريرة في الرجل الذي وقع على امرأته في نهار رمضان.

وجه الدلالة منه: أن إيجاب الكفارة على الرجل المجامع دليل على وجوبها على المرأة؛ لأن الأصل تَسَاوِي الرجال والنساء في الأحكام إلا ما خصَّه الدليل (٣).

قال الكاساني (٤): النَّصُّ وَإِنْ وَرَدَ فِي الرَّجُلِ لَكِنَّهُ مَعْلُولٌ بِمَعْنًى يُوجَدُ فِيهِمَا، وَهُوَ إفْسَادُ صَوْمِ رَمَضَانَ بِإِفْطَارٍ كَامِلٍ حَرَامٍ مَحْضٍ مُتَعَمِّدًا؛ فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهَا بِدَلَالَةِ النَّصِّ، وَبِهِ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى التَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهَا بِفِعْلِهَا، وَهُوَ إفْسَادُ الصَّوْمِ، وَيَجِبُ مَعَ الْكَفَّارَةِ الْقَضَاءُ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ.

قال الخطابي: قلت: وفى أمره الرجلَ بالكفارة لما كان منه من الجناية دليل على أن للمرأة كفارة مثلها؛ لأن الشريعة قد سوَّت بين الناس في الأحكام إلا في مواضع قام عليها دليلُ التخصيص، وإذًا لزمها القضاء؛ لأنها أفطرت بجماع متعمَّد، كما وجب على الرجل وجبت عليها الكفارة، لهذه العلة كالرجل سواء، وهذا مذهب أكثر العلماء.


(١) قال ابن رشد «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٤): وسبب اختلافهم معارضة ظاهر الأثر للقياس، وذلك أنه لم يأمر المرأة في الحديث بكفارة، والقياس أنها مثل الرجل؛ إذ كان كلاهما مكلفًا.
(٢) «الهداية» (١/ ٢١٤)، و «المبسوط» (٣/ ٧٢)، و «المدونة» (١/ ١٩١)، و «المجموع» (٦/ ٣٣١)، و «الإنصاف» (٣/ ٣١٤)، و «المغني» (٤/ ٣٧٥).
(٣) انظر: «الشرح الممتع» (٦/ ٤١٥).
(٤) «بدائع الصنائع» (٢/ ٩٨).

<<  <   >  >>