للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما أدلتهم من المعقول: فإنه يفسد صوم المرأة بالجماع؛ لأنه نوع من المفطرات فاستوى فيه الرجل والمرأة كالأكل، فوجبت عليها الكفارة كما وجبت على الرجل (١). وإن المرأة هتكت صوم رمضان بالجماع؛ فوجبت عليها الكفارة كالرجل (٢). وإن الجماع موجب للكفارة، فوجب أن تُلْزَم المرأة كما يُلْزَم الرجل، وأن جميع الأحكام المتعلقة بالوطء في حق الواطئ من وجوب الغُسل، والفطر، والحد، والإحصان، والقضاء - محكوم بها في حق الموطوءة، فكذلك وجوب الكفارة.

• القول الآخر: ذهب الشافعي وأحمد في رواية (٣) إلى أن المرأة إذا طاوعت الرجل - ليس عليها كفارة، وإنما هي كفارة واحدة على الزوج دونها.

واستدلوا لذلك: بحديث أبي هريرة في الرجل الذي وقع على امرأته، وفيه: «أَصَبْتُ أَهْلِي في رَمَضَانَ وَأَنَا صَائِمٌ».

قال الخطابي: واحتجوا لهذا القول بأن قول الرجل: «أَصَبْتُ أَهْلِي» سؤال عن حكمه وحكمها؛ لأن الإصابة معناها أنه واقعها وجامعها، وإذا كان هذا الفعل قد حصل منه ومنها معًا، ثم أجاب النبي عن المسألة فأوجب فيها كفارة واحدة على الرجل، ولم يعرض لها بذكر، دلَّ على أنه لا شيء عليها، وأنها مجزئة في الأمرين معًا، ألا ترى أنه بعث أُنيسًا إلى المرأة التى رُمِيَت بالزنا، وقال: «فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا» فلم يُهمِلْ حكمها لغيبتها عن حضرتِه، فدلَّ هذا على أنه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها.

قلت: واستدلوا أيضًا بأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولو كانت تجب على


(١) انظر: «المغني» (٤/ ٣٧٥).
(٢) «شرح فتح القدير» (٢/ ٣٣٨).
(٣) انظر: «المجموع» (٦/ ٣٣١)؛ قال الماوردي في «الحاوي» (٣/ ٤٢٤): مذهب الشافعي وما نص عليه في كتبه القديمة والجديدة أن الواجب كفارة واحدة على الزوج دونها.
قال ابن قدامة في «المغني» (٤/ ٣٧٩): سُئِلَ أَحْمَدُ عَمَّنْ أَتَى أَهْلَهُ فِي رَمَضَانَ، أَعْلَيْهَا كَفَّارَةٌ؟ قَالَ: مَا سَمِعْنَا أَنَّ عَلَى امْرَأَةٍ كَفَّارَةً!!

<<  <   >  >>