للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - تدبر القرآن: قال تعالى: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ والآيات في ذلك كثيرة.

وروى مسلم (١) عن حذيفة بن اليمان قال: صَلَّيْتُ مع النبي ذَاتَ لَيْلَةٍ فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فقلت: يَرْكَعُ عِنْدَ المائَةِ. ثُمَّ مَضَى فقلت: يُصَلِّي بها في رَكْعَةٍ. فَمَضَى فقلت: يَرْكَعُ بها ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا (٢) إذا مَرَّ بِآيَةٍ فيها تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وإذا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وإذا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ فَجَعَلَ يقول: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا من قِيَامِهِ ثُمَّ قال: «سَمِع اللهُ لمنْ حَمِدَهُ» ثُمَّ قام طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ فقال: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الأعلى» فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا من قِيَامِهِ».

• المطلب الثالث: هل يطيل القراءة في التراويح؟

ورد بإسناد صحيح (٣) عن السائب بن يزيد قال: أَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ وَتَمِيمًا الدَّارِىَّ أَنْ يَقُومَا لِلنَّاسِ بِإِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَكَانَ الْقَارِئُ يَقْرَأُ بِالمئِينَ، حَتَّى كَنَّا نَعْتَمِدُ عَلَى الْعِصِىِّ مِنْ طُولِ الْقِيَامِ، وَمَا كَنَّا نَنْصَرِفُ إِلاَّ في الْفَجْرِ.

لكن لا بد من مراعاة أحوال المأمومين في صلاة التراويح، وعدم الإفراط في التطويل وعدم التخفيف الزائد وقد قال : «إِنِّي لَأَدْخُلُ في الصَّلَاةِ وَأَنَا أُرِيدُ إِطَالَتَهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ في صَلَاتِي؛ مِمَّا أَعْلم مِنْ شِدَّةِ وَجْدِ أُمِّهِ مِنْ بُكَائِهِ» (٤).

• المطلب الرابع: هل يجوز القراءة من وسط السور أو آخرها؟

يجوز القراءة بأواخر السور وأوسطها لعموم قوله تعالى: ﴿فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ﴾ [المزمل: ٢٠]

قال شيخ الإسلام: وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِأَوَاخِرِ السُّوَرِ وَأَوْسَاطِهَا فَلم يَكُنْ غَالِبًا عَلَيْهِمْ؛ وَلِهَذَا يُتَوَرَّعُ في كَرَاهَةٍ ذَلِكَ، وَفِيهِ النِّزَاعُ المشْهُورُ في مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، وَمِنْ أَعْدَلِ الْأقوالٍ


(١) أخرجه مسلم (٧٧٢).
(٢) إذ ليس المقصود الانتهاء من ورد معين بلا خشوع ولا خضوع.
(٣) أخرجه عبد الرزاق (٧٧٣٢)، وابن أبي شيبة (٢/ ٨٤)، والبيهقي (٢/ ٤٩٧).
(٤) أخرجه البخاري (٧٠٨)، ومسلم (٤٧٠).

<<  <   >  >>