للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْكُمْ﴾، وأطلقها في قوله: ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ فحمل منه المطلق على المقيد في اشتراط العدالة، كذلك الكفارة.

وذهب أبو حنيفة إلى أنه يجزئ عتق كافر من كفارة الجماع، لعموم قول النبي : «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً؟».

والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء، أي أنه لا يجزئ إلا عتق رقبة مؤمنة؛ لأن الرقبة أُطلقت في الكتاب والسنة وقُيدت بالإيمان كما في كفارة القتل، فيُحمل المطلق على المقيد كما في الشهادة (١)، والله أعلم.

• المبحث الحادي عشر: ما مقدار الإطعام؟

ذهب جمهور العلماء إلى أن كفارة المجامع الذي لا يستطيع عتق رقبة ولا صيام شهرين متتابعين - إطعام ستين مسكينًا، لكل مسكين مد، أي ستون مدًّا لستين مسكينًا (٢). واستدلوا لذلك بحديث المجامع … فَأُتِيَ النَّبِيُّ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: «تَصَدَّقْ بِهَذَا».

قال النووي: قوله: «فَأُتِيَ النَّبِيُّ بِعَرَقٍ»، والعرق عند الفقهاء ما يسع خمسة عشر صاعًا، وهو ستون مُدًّا لستين مسكينًا لكل مسكين مُد.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا يجزئ أقل من مدين لكل مسكين.

واستدلوا لذلك بما رواه مسلم (٣) عن عائشة أنها قالت: «جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ الله فَقَالَ: (احْتَرَقْتُ). فقال رَسُولُ الله: «لم؟» قال: وَطِئْتُ امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ نَهَارًا. قَالَ: «تَصَدَّقْ»، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ. فَأَمَرَهُ أَنْ يَجْلِسَ، فَجَاءَهُ عَرَقَانِ فِيهِمَا طَعَامٌ فَأَمَرَهُ رَسُولُ الله أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ.

والعبرة أنه يطعم ستين مسكينًا كما جاء في الحديث الصحيح، والله أعلم.


(١) «الحاوي» (٣/ ٣٧٦).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٥)، و «النووي شرح مسلم» شرح حديث (١١١٢).
(٣)» أخرجه مسلم (٨٥) (١١١٢).

<<  <   >  >>