وجه الدلالة:«فإنى إِذَنْ صَائِمٌ». أى أن النبي ﷺ إنما أنشأ نيته أثناء النهار، ولم يبيتها من الليل، ويُقَاس صوم التطوع على صيام الفرض، فلماكان يجوز أن ينشئ النية من النهار في صوم التطوع، فكذلك صوم الفرض.
واعترض عليه: بأن قياس صوم التطوع على صيام الفرض - قياسٌ مع الفارق ولا يصح؛ لأنه يخفف صيام التطوع عن صيام الفريضة، كما أن الصلاة يُخَفَّفُ نفلُها عن فرضها، بدليل أنه لا يشترط القيام لنفلها، ويجوز صلاة النافلة في السفر على الراحلة إلى غير القبلة، ولا يجوز ذلك في الفريضة، فكذا يجوز إنشاء النية من النهار في صوم التطوع دون الفريضة.
والراجح في المسألة والله أعلم: هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، من أنه لا يجزئه صيام رمضان ولا صيام الفريضة حتى ينويه من الليل لعموم قول النبي ﷺ:«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».
• المبحث الرابع: النية لكل يوم:
هل لابد من نية لكل يوم أم تجزئه نية واحدة لجميع الشهر؟
• اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
• القول الأول: ذهب أبو حنيفة، والشافعي، ورواية لأحمد، إلى أنه لابد من نية لكل يوم؛ لأن صوم كل يوم عبادة منفردة، يدخل وقتها بطلوع الفجر، ويخرج وقتها بغروب الشمس.
واستدلوا لذلك بالقياس على الصلاة، فكما أنه لا بد لكل صلاة من نية، فكذا صيام كل يوم يحتاج إلى نية.
• القول الآخر: أَنَّهُ تُجْزِئُهُ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ لِجَمِيعِ الشَّهْرِ إذَا نَوَى صَوْمَ جَمِيعِهِ؛ لأنه نَوَى في زَمَنٍ يَصْلُحُ جِنْسُهُ لِنِيَّةِ الصَّوْمِ، فَجَازَ، كَمَا لَوْ نَوَى كُلَّ يوم في لَيْلَتِهِ. وَهو مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَإِسْحَاقَ، وَرواية عَنْ أَحْمَدَ (١).