للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واعْتُرِض عليه بما قاله محمد بن نصر المروزي (١): ولا نعلم أحدًا قبل أبي حنيفة أفسد صلاته، إنما كره ذلك قوم؛ لأنه مِنْ فعل أهل الكتاب فكرهوا، لأهل الإسلام أن يتشبهوا بأهل الكتاب، فأما إفساد صلاته فليس لذلك دليل نعلمه؛ لأن قراءة القرآن من عمل الصلاة ونظره في المصحف كنظره إلى سائر الأشياء التي ينظر إليها في صلاته، وهذا لا يفسد صلاته بذلك.

والراجح في المسألة هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من جواز حمل المصحف في قيام الليل، وذلك لأن النبي حمل أمامة وهو يصلي، فكذا يجوز حمل المصحف، ولأن ذكوان كان يؤم عائشة يقرأ من المصحف في رمضان، فإذا كان ثم حاجة كافتقاد إمام حافظ لكتاب الله فيجوز ذلك، والله أعلم.

• المبحث السابع: إمامة غلام لم يحتلم بعد:

روى البخاري (٢) عن عمرو بن سلمة قال: صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا في حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا في حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا. فَنَظَرُوا فَلم يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي؛ لما كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي.

قال الشافعي (٣): (إذَا أَمَّ الْغُلَامُ الذي لم يَبْلُغْ الذي يَعْقِلُ الصَّلَاةَ وَيَقْرَأُ الرِّجَالَ الْبَالِغِينَ، فإذا أَقَامَ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُمْ إمَامَتُهُ، وَالاِخْتِيَارُ أَنْ لَا يَؤُمَّ إلاَّ بَالِغٌ، وَأَنْ يَكُونَ الإِمَامُ الْبَالِغُ عَالما بِمَا لَعَلَّهُ يَعْرِضُ له في الصَّلَاةِ).

والراجح: جواز إمامة الغلام إذا كان أقرأ القوم، وعالمًا بما يعرض له في الصلاة لحديث عمرو بن سلمة، والله أعلم.


(١) «مختصر قيام رمضان» لابن نصر المروزي (ص ٨٤).
(٢) أخرجه البخاري (٤٣٠٢).
(٣) «الأم» (١/ ٢٥٧). قال الإمام مالك في «المدونة» (١/ ٨٤): (لَا يَؤُمُّ الصَّبِيُّ فِي النَّافِلَةِ لَا الرِّجَالَ وَلَا النِّسَاءَ). قال أحمد في رواية أبي داود عنه (ص ٢٦): لا يؤم الغلام حتى يحتلم، قلت: حديث عمرو بن سلمة؟ قال: لعله كان في بدء الإسلام.

<<  <   >  >>