للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن ابن عباس ﴿قال: نَهَانَا أَمِيرُ المؤْمِنِينَ عُمَرُ أَنْ نَؤُمَّ الناس في المصْحَفِ (١).

عن الأعمش عن إبراهيم: أَنْهُ كَرِهَ أَنْ يُؤَمَّ في المصْحَفْ وَقَالَ: لَا نَتَشَبَّه بِأَهْلِ الكِتَاب (٢).

• القول الثالث: ذهب أبو حنيفة (٣) وابن حزم (٤) إلى أن المصلي لو قرأ من المصحف، فصلاته فاسدة.

واستدلوا لذلك بالسنة والمعقول:

أما دليلهم من السنة: ففي «الصحيحين» (٥) من حديث عبد الله قال: كُنَّا نُسَلم عَلَى النَّبِيِّ وَهُوَ في الصَّلَاة قَبْلَ أَنْ نَخْرُجَ إلَى النَّجَاشِيِّ فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلما رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلمت عَلَيْهِ فَلم يَرُدَّ، وَقال: «إنَّ في الصَّلَاة شُغْلًا».

وجه الدلالة: أن حمل المصحف وتقليب الأوراق والنظر فيه - يشغله عن الصلاة والنبي يقول: «إنَّ في الصَّلَاة شُغْلًا».

أما دليلهم من المعقول: فما قاله الكاساني: إنَّ هذا يُلَقَّنُ من المصْحَفِ فَيَكُونُ تَعَلما منه، أَلَا تَرَى أَنَّ من يَأْخُذُ من المصْحَفِ يُسَمَّى مُتَعَلما، فَصَارَ كما لو تَعَلم من مُعَلم، وَذَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ كذا هذا وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ لَا تُوجِبُ الْفَصْلَ بين ما إذَا كان حَامِلًا لِلمصْحَفِ مُقَلِّبًا لِلْأَوْرَاقِ وَبَيْنَ ما إذَا كان مَوْضُوعًا بين يَدَيْهِ وَلَا يُقَلِّبُ الْأَوْرَاقَ.


(١) إسناده ضعيف: أخرجه ابن أبي داود في «المصاحف» (٧٩٦)، وفي إسناده: نهشل بن سعيد كذبه إسحاق، وفي سماع الضحاك من ابن عباس خلاف.
(٢) إسناده حسن: رواه ابن أبي داود في «المصاحف» (٧٧٩).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٦٣).
(٤) قال ابن حزم في «المحلى» (٤/ ٢٢٣): ولا يحل لأحد أن يؤم وهو ينظر ما يقرأ به في الصلاة لا في الفريضة ولا النافلة، فإن فعل عالمًا بأن فِعل ذلك لا يجوز بطلت صلاته وصلاة من يأتم به عالمًا بأن هذا لا يجوز.
(٥) أخرجه البخاري (١١٩٩، ١٢١٦)، ومسلم (٥٣٨).

<<  <   >  >>