للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن الهمام (١): لم يُنْقَلْ عَنِ الصحابَةِ أَنَّهُمْ حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ اشْتَغَلُوا بِنَصْبِ المنَابِرِ وَالْجُمَعِ إلَّا في الْأَمْصَارِ دُونَ الْقُرَى، وَلَوْ كَانَ لَنُقِلَ وَلَوْ آحَادًا، وَلَوْ مَصَّرَ الْإِمَامُ مَوْضِعًا وَأَمَرَهُمْ بِالْإِقَامَةِ فِيهِ جَازَ، وَلَوْ مَنَعَ أَهْلَ مِصْرٍ أَنْ يُجْمِعُوا لم يُجْمِعُوا ..

واعترض عليه بأنه ورد عن أنس وغيره.

فالراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من عدم اشتراط المصر لما صح عن أنس أنه كان يكون في منزله بالزاوية، فإن لم يشهد العيد بالبصرة جَمَع أهله وحشمه، يوم العيد، فصلى بهم عبد الله بن أبي عتبة ركعتين … الأثر، ولو كان لابد من اشتراط المصر لما فعل أنس ذلك وهو خادم رسول الله ، ثم إذا كانت الجمعة تقام في القرى وهي آكد فالعيد أَوْلى لأنه يوم فرح وسرور، واجتماع الناس في القرى الصغيرة إظهار شعيرة من شعائر الإسلام، وشهود الخير ودعوة المسلمين، واشتراط المصر الجامع يكون فيه مشقة لبعض الناس، وربما آل ذلك إلى عدم شهود كثير من المسلمين لصلاة العيد، ولقد كان الرسول أمَر الناس بالخروج حتى الحُيض لشهود بركة هذا اليوم، ولو كان المصر شرط لبينه ، وصلاة العيد فعل خير فتقام في القرى، والله أعلم.

تنبيه: إذا كان لا يشترط المصر الجامع، فإنه لا ينبغي أن يكون في القرية الواحدة أكثر من مصلى؛ لأنه كلما كثر العدد كان أظهر لتلك الشعيرة، وينعقد العيد بما تنعقد به الجماعة، والله أعلم.

• المبحث الثالث: هل يُشترط الاستيطان لصلاة العيدين أم تُفعل في السفر؟

أجمع العلماء على أن المسافرين لا تجب عليهم صلاة العيدين (٢).

واختلفوا في جوازها، أو هل تشرع للمسافرين على قولين:


(١) «فتح القدير» (٢/ ٥١)
(٢) قال ابن رجب فِي «فتح الباري» (٦/ ١٧٦): ولا خلاف أنه لا يجب على أهل القرى والمسافرين، وإنما الخلاف فِي صحة فعلها منهم والأكثرون على صحته وجوازه.

<<  <   >  >>