للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• القول الأول: ذهب الشافعي وأحمد في رواية: إلى أنه لَا بَأْسَ إنْ صلى قَوْمٌ مُسَافِرُونَ صَلَاةَ الْعِيدٍ (١).

واستدلوا لهذا القول بالمأثور:

١ - أثر الحسن البصري: قال في المسَافِرِ يَأْتِي عَلَيْهِ يوم عِيدٍ: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَضْحَى ذَبَحَ (٢).

٢ - كَانَ أَبو عِيَاضٍ، وَمُجَاهِد في يوم فِطْرٍ مُتَوَارِيَيْنِ زَمَانَ الْحَجَّاجِ، فَتَكَلم أَبُو عِيَاضٍ وَدَعَا لَهُمْ، وَأَمَّهُمْ بِرَكْعَتَيْنِ (٣).

• القول الثاني: ذهب أبو حنيفة، ومالك، وأظهر الروايتين عند أحمد إلى أن الإقامة شرط في صلاة العيدين (٤).

واستدلوا لذلك ببراءة الذمة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (٥): وَالصَّوَابُ بِلَا رَيْبٍ هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَشْرُوعٍ لِلمسَافِرِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ كَانَ يُسَافِرُ أَسْفَارًا كَثِيرَةً، وَلم يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى في السَّفَرِ لَا جُمُعَةً وَلَا عِيدًا.

واعْتُرِضَ عليه بما قاله النووي: وأجابوا عن ترك النبي العيد بمنى بأنه كان تركها


(١) «الأم» (١/ ٣٦٨)، و «المغني» (٣/ ٢٨٧).
(٢) ذكره ابن المنذر فِي «الأوسط» (٤/ ٢٩٣) بدون إسناد قال: روينا عن الحسن.
(٣) صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٥٧١٨) وابن أبي شيبة (٢/ ١٨٣).
(٤) «بدائع الصنائع» (١/ ٢٧٥)، و «الأوسط» (٤/ ٢٩٤)، و «المغني» (٣/ ٢٨٧).
(٥) «الفتاوى» (٢٤/ ١٧٨). وروى عبد الرزاق (٣/ ٣٠٢) بسند صحيح عن الزهري قال: ليس على المسافر صلاة الأضحى، ولا صلاة الفطر إلا أن يكون فِي مصر أو قرية، فيشهد معهم الصلاة.
وقال الكاساني «بدائع الصنائع» (١/ ٢٧٥): وَالْإِقَامَةُ مِنْ شَرَائِطِ وُجُوبِهَا كَمَا هِيَ مِنْ شَرَائِطِ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ حَتَّى لَا تَجِبَ عَلَى النِّسْوَانِ وَالصِّبْيَانِ وَالمجَانِينِ وَالْعَبِيدِ بِدُونِ إذْنِ مَوَالِيهِمْ وَالزَّمْنَى وَالمرْضَى وَالمسَافِرِينَ، كَمَا لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ لما ذَكَرْنَا فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَعْذَارَ لما أَثَّرَتْ فِي إسْقَاطِ الْفَرْضِ فَلَأَنْ تُؤَثِّرَ فِي إسْقَاطِ الْوَاجِبِ أَوْلَى.

<<  <   >  >>