للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن العبد لا يملك نصابًا.

• القول الثاني: ذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن زكاة الفطر لا تجب إلا على الغني (١).

واستدلوا لذلك بما يلي:

روى البخاري ومسلم واللفظ له (٢): عن حكيم بن حزام أن رسول الله قال: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ - أَوْ خَيْرُ الصَّدَقَةِ - عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَالْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ».

قال ابن قدامة (٣): استدلوا بقوله : «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى» وَالْفَقِيرُ لَا غِنَى لَهُ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ، فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ، كَمَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا.

واعترض عليه بأن هذا الحديث عام، وقد ورد في زكاة الفطر أنها تجب على العبد والحر، والعبد لا يملك نصابًا؛ لأنه هو وماله لسيده، فدل ذلك على أن صدقة الفطر تجب على مَنْ مَلَك قوت يوم وليلة ولو كان فقيرًا، ولأن الحديث الذي ذكرناه خاص بزكاة الفطر، وإذا تعارض الخاص والعام، قُدِّم الخاص على العام، والله أعلم.

واستدلوا أيضًا بالقياس على زكاة المال، فقالوا: كما أن زكاة الأموال لا تجب إلا على الغني، فكذا زكاة الفطر.

واعترض عليه بأنه قياس مع الفارق؛ لأن الزكاة متعلقة بالأموال بينما زكاة الفطر متعلقة بالأبدان ولأنها تجب بالفطر من رمضان.

قال الشوكاني: وَأَمَّا الِاسْتِدْلَال بِالْقِيَاسِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ إذْ وُجُوبُ الْفِطْرَةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَبْدَانِ، وَالزَّكَاةِ بِالْأَمْوَالِ.

والراجح ما ذهب إليه جمهور العلماء من أنه لا يشترط النصاب لوجوب زكاة الفطر، بل يعتبر أن يكون مُخرج زكاة الفطر مالكًا لقوت يوم وليلة؛ لقول ابن عمر: فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ، عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ.


(١) «المغني» (٤/ ٣٠٧).
(٢) البخاري (١٤٢٧)، ومسلم (١٠٣٤).
(٣) «المغني» (٤/ ٣٠٧).

<<  <   >  >>