للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرهما (١).

واستدلوا لذلك بأن اليوم الذي يُشَكّ فيه إما أن يكون من رمضان أو من شعبان، وصوم يوم من شعبان - وإن كان منهيًّا عنه لكونه يوم شكٍّ - فهو أهون وأخفُّ من فطر يوم من رمضان؛ ولذا قالت عائشة لما سئلت عن اليوم الذي يختلف فيه: «لأَنْ أَصُومَ يومًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إلى مِنْ أَنْ أُفْطِرَ يومًا مِنْ رَمَضَانَ» (٢).

وقال أبو هريرة: «لأن أَصُومَ اليوم الذى يُشَكُّ فيه مِنْ شعبانَ أحبُّ إلىَّ من أن أُفْطِرَ يومًا مِنْ رمضان» (٣).

• القول الثالث: قال الْإِمَامُ أَحْمَدُ في رِوَايَةٍ: النّاسُ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ في صَوْمِهِ وَإِفْطَارِهِ (٤)، وهذا قول الحسن وابن سيرين؛ لقول النبي : «الصوم يومَ تَصُومُونَ، وَالْفِطْرُ يومَ تُفْطِرُونَ، وَالْأَضْحَى يومَ تُضَحُّونَ» (٥) قيل: معناه: إن الصوم والفطر مع الجماعة وعِظَمِ الناس.

والراجح: أنه لا يصام يوم الغيم، وقد صح عن عمار قال: «من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم» وأما حديث ابن عمر ﴿قال: سمعت رسول الله يقول: «إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدِرُوا لَهُ» فهذا مجملٌ، وهو مفسَّرٌ بما ورد في «الصحيحين»: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكَمِلُوا العِدةَ ثلاثين».


(١) قال ابن قدامة في «المغني» (٤/ ٣٣٠): وَإِنْ حَالَ دُونَ مَنْظَرِهِ غَيْمٌ، أَوْ قَتَرٌ وَجَبَ صِيَامُهُ، وَقَدْ أَجْزَأَ إذَا كَانَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ أَحْمَدَ فِي هَذِهِ المسْأَلَةِ، فَرُوِيَ عَنْهُ مِثْلُ مَا نَقَلَ الْخِرَقِيُّ، اخْتَارَهَا أَكْثَرُ شُيُوخِ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ عُمَرَ، وَابْنِهِ، وَعَمْرِو ابْن الْعَاصِ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَنَسٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتَيْ أَبِي بَكْرٍ، وَبِهِ قال بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَأَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، وَابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، وَمُطَرِّفٌ، وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ.
(٢) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٦/ ٨٤، ٨٨).
(٣) أخرجه البيهقي «السنن الكبرى» (٤/ ٢١١).
(٤) «زاد المعاد» (٢/ ٤٧).
(٥) هذا الحديث أسانيده ضعيفة وسيأتى تخريجه.

<<  <   >  >>