للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن هذه الآية منسوخةٌ عند جمهور العلماء بلا استثناء ولا تفصيل بقوله تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾. فلا يجوز الاستدلال بالمنسوخ.

أما دليلهم من الماثور: فعن ثابت قال: «كبِر أنس بن مالك حتى كان لا يطيق الصيام، فكان يفطر ويطعم» (١).

وعن سعيد بن جبير كان يقرأ: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ قال: هي في الشيخ الكبير والعجوز، إذا لم يستطيعا الصيام، فعليهما أن يطعما كل يوم مسكينًا، كل واحد منهما، فإن لم يجدا فلا شيء عليهما» (٢).

وعن عكرمة بن عمار قال: سألت طاوسًا عن أمي وكان بها عُطاش، فلم تستطع أن تصوم رمضان، قال: تطعم كل يوم مسكينًا مُدَّ بُرٍّ. قال: بأي مُد؟ قال: مُد أرضك (٣).

• القول الآخر: ذهب مالك إلى أن الشيخ الكبير الذي يجهده الصوم والمريض الذي لا يُرْجَى برؤه إذا كانا لا يستطيعان الصوم - فلا يجب عليهما فدية (٤).

قلت: الأحوط في هذه المسألة والله أعلم أن الشيخ الكبير الذى يجهده الصوم، والمريض الذى لا يُرْجَى برؤه، إذا كان يجهده الصوم، ويشق عليهما مشقة شديدة،


(١) صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٧٥٧٠)، عن معمر، عن ثابت به. وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» (٧/ ١٨)، وأخرجه الطبراني في «الكبير» (١/ ٢٤٢)، وأخرجه الدارقطني في «السنن» (٢/ ٢٠٧)، من طرق عن أنس.
وروى الطبراني في «الكبير» (٢٧٨٤) بإسناده عن الحارث عن علي في قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾ قال: «الشيخ الكبير الذى لا يستطيع الصوم، يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا»، وفي إسناده الحارث الأعور: كذاب. وروى الدارقطني في «السنن» (٢/ ٢٠٨) عن أبي هريرة قال: «مَنْ أَدْرَكَهُ الْكِبَرُ فَلم يَسْتَطِعْ أَنْ يَصُومَ رَمَضَانَ، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ يوم مُدٌّ مِنْ قَمْحٍ»، وإسناده ضعيف.
(٢) إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق (٤/ ٢٢٣).
(٣) إسناده حسن: أخرجه عبد الرزاق (٤/ ٢٢٣).
(٤) قال ابن قدامة في «المغني» (٤/ ٣٩٦): وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ; لِأَنَّهُ تَرَكَ الصَّوْمَ لِعَجْزِهِ، فَلم تَجِبْ فِدْيَةٌ، كَمَا لَوْ تَرَكَهُ لمرَضٍ اتَّصَلَ بِهِ الموْتُ. وانظر: «بداية المجتهد» (١/ ٣٠١).

<<  <   >  >>