للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفطر أفضل ما صام النبي .

واعْتُرِضَ عليه: بأن النبي أفطر في بعض أسفاره.

وأُجِيبَ عنه بأن النبي فعل ذلك لرفع الحرج عن أمته، ولبيان الجواز والرخصة، وموضع ذلك لمن شقَّ عليه، أما من قوي فالصوم أفضل في السفر.

أما دليلهم من المأثور: فعَنْ عَاصِمٍ، قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ عَنِ الصَّوْمِ في السَّفَرِ؟ فَقَالَ: «مَنْ أَفْطَرَ فَرُخْصَةٌ، وَمَنْ صَامَ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ» (١).

أما دليلهم من المعقول: فما قاله الرافعي (٢) إن الصوم في السفر أفضل من الفطر على المذهب المشهور؛ لما فيه من تبرئة الذمة والمحافظة على فضيلة الوقت.

• القول الثانى: قال أحمد، وإسحاق: إن الفطر أفضل من الصوم في السفر عملًا بالرخصة (٣).

دليل هذا القول ما رواه مسلم عن حمزة بن عمرو الأسلمى أنه قال: يا رسول الله، أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ في السَّفَرِ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فقال رسول الله : «هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ» (٤).


(١) صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٢/ ٢٨٠) وذكره الطحاوي في «مختصر اختلاف الفقهاء» (٢/ ٢٠).
(٢) «الشرح الكبير» (٤/ ٤٧٤).
(٣) «فتح الباري» (٤/ ٢١٦).
(٤) أخرجه مسلم (١١٢١) (١٠٧)، من طريق ابن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير، عن أبي المرَاوِحٍ، عن حمزة بهذا اللفظ المذكور. وأخرجه النسائي في «السنن» (٤/ ١٨٦) بلفظ: «إِنْ شئت فَصُمْ وَإِنْ شئت فَأَفْطِرْ» من طريق عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا عمى، حدثنا أبي، عن أبي المرَاوِحٍ، عن حمزة به. قال ابن حجر في «تهذيب التهذيب» في ترجمة أبي المرواح: روى عن حمزة بن عمرو الأسلمى وزيد بن أسلم وسليمان بن يسار وعروة بن الزبير وعمران بن أبي أنس. والصحيح عمران بن أبي أنس عن سليمان بن يسار عنه أى «عن أبي المرواح».
وأخرجه أحمد (٣/ ٤٩٤)، والطيالسى (١٢١٧)، وغيرهما عن قتادة، عن سليمان، عن حمزة، بلفظ: «إِنْ شئت فَصُمْ وَإِنْ شئت فَأَفْطِرْ».
وأخرجه النسائي في «السنن» (٤/ ١٨٥، ١٨٦)، وغيره من طريق الليث، عن بكير، وعمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار، عن حمزة بن عمرو قال: «يا رسول الله».
قال النسائي: مرسل، قلت: أى أن سليمان بن يسار حكى واقعة لم يدركها، وأخرجه أبو داود (٢٤٠٣)، وغيره من طريق حمزة بن محمد بن حمزة الأسلمى، عن أبيه، عن جده به.
قلت: وفى إسناده حمزة بن محمد: مجهول الحال. وأخرجه النسائي (٤/ ١٨٦) من طريق عمران بن أبي أنس، عن سليمان بن يسار وحنظلة بن عليّ، عن حمزة بن عمرو.
وأخرجه النسائي في «السنن» (٤/ ١٨٧) من طريق عروة بن الزبير، عن حمزة بن عمرو الأسلمى به. وأخرجه النسائي (٤/ ١٨٥، ١٨٦) من طريق عمران بن أبي أنس، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن حمزة به. قلت: كل هذه الطرق بلفظ: «إِنْ شئت فَصُمْ وَإِنْ شئت فَأَفْطِرْ» سوى طريق عمرو ابن الحارث، عن أبي الأسود، عن عروة، عن أبي مرواح، عن حمزة -باللفظ المذكور.

<<  <   >  >>