للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الآخر: ذهب أبو حنيفة (١)، والشافعي إلى أن المرأة تعتكف في مسجد بيتها:

واستدلوا لذلك بما رواه مسلم (٢) عن عائشة قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ، ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ، وَإِنَّهُ أَمَرَ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ، أَرَادَ الاِعْتِكَافَ في الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَأَمَرَتْ زَيْنَبُ بِخِبَائِهَا فَضُرِبَ، وَأَمَرَ غَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ بِخِبَائِهِ فَضُرِبَ، فَلما صَلَّى رَسُولُ اللهِ الْفَجْرَ، نَظَرَ، فَإِذَا الأَخْبِيَةُ فَقَالَ: «آلْبِرَّ تُرِدْنَ؟» فَأَمَرَ بِخِبَائِهِ فَقُوِّضَ، وَتَرَكَ الاِعْتِكَافَ في شَهْرِ رَمَضَانَ، حَتَّى اعْتَكَفَ في الْعَشْرِ الأَوَّلِ مِنْ شَوَّالٍ».

قال الشافعي: فبهذا كرهت اعتكاف المرأة إلا في مسجد بيتها، وذلك أنها إذا صارت إلى ملازمة المسجد المأهول ليلًا ونهارًا، وأكثر من يراها ومن تراه (٣).

الدليل الثانى: قول النبي : «صَلَاةُ المرْأَةِ في بَيْتِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا في حُجْرَتِهَا، وَصَلَاتُهَا في مَخْدَعِهَا أَفْضَلُ مِنْ صَلَاتِهَا في بَيْتِهَا» (٤).


(١) انظر: «بدائع الصنائع» (٢/ ١١٣)، و «المبسوط» (٣/ ١٢٩).
(٢) أخرجه مسلم (١١٧٣).
(٣) انظر: «معرفة السنن والآثار» (٣/ ٤٦٤).
(٤) أخرجه أبو داود (٥٧٠)، وابن خزيمة (١٦٨٨ - ١٦٩٠)، وغيرهما، من طريق عمرو بن عاصم، عن همام، عن قتادة، عن مورق، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود مرفوعًا، وأخرجه الترمذي (١١٧٣)، وغيره بلفظ «المرْأَةُ عَوْرَةٌ، فَإِذَا خَرَجَتْ اسْتَشْرَفَهَا الشَّيْطَانُ، وأقرب ما تكون من ربها وهى في قعر بيتها»، وأخرجه ابن خزيمة (١٦٨٦)، من طريق سليمان التيمى، عن قتادة، عن أبي الأحوص، عن ابن مسعود، به، قال ابن أبي حاتم في «المراسيل»: سمعت أبي يقول: قتادة عن أبي الأحوص مرسل، بينهما مورق، قال الأثرم: حديث سليمان التيمى عن قتادة مضطرب. انظر: «شرح علل الترمذي» (ص ٢٨٤)، وأخرجه الطبراني (١٠/ ١٣٢)، وابن عدي (٣/ ٤٢٣)، وابن خزيمة من طريقى سويد بن إبراهيم، وسعيد بن بشير، وهما متابعان لسليمان التيمى، ولكنهما ضعيفان. وللحديث المرفوع شواهد أولها: عند أبي داود (٥٦٧) وشاهد آخر: عند ابن خزيمة (١٦٨٩)، وابن حبان (٢٢١٧)، ولكن هذه الشواهد لا تخلو من مقال.

<<  <   >  >>