للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجه الدلالة منه: أنه لما كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في المسجد، كان اعتكافها في بيتها أفضل.

واعترض عليه: بأن الاعتكاف عبادة خاصة بالمسجد، كما أن الطواف لا يجوز إلا بالكعبة.

واستدلوا أيضًا بحديث ابن عمر قال: قال رسول الله : «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» (١).

فإن كان بيوتهن خيرًا لصلاتهن من المسجد؛ فكذا الاعتكاف في البيت أفضل.

واعترض عليه: بأن لفظة: «وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» لا تصح عن رسول الله .

الراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن اعتكاف النساء لا يصح إلا في المسجد؛ لعموم قوله تعالى: ﴿وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ في المسَاجِدِ﴾، ولحديث عائشة: استأذن أزواجه في الاعتكاف في المسجد فأذن لهن».

قال النووي (٢): وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث أَنَّ الِاعْتِكَاف لَا يَصح إِلَّا في المسْجِد؛ لِأَنَّ النَّبِيّ وَأَزْوَاجه وَأَصحابه إِنَّمَا اِعْتَكَفُوا في المسْجِد مَعَ المشَقَّة في مُلَازَمَته، فَلَوْ جَازَ في الْبَيْت لَفَعَلُوهُ وَلَوْ مَرَّة لَا سِيَّمَا النِّسَاء؛ لِأَنَّ حَاجَتهنَّ إِلَيْهِ في الْبُيُوت أَكْثَر.

وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ اِخْتِصَاصه بِالمسْجِدِ، وَأَنَّهُ لَا يَصح في غَيْره - هُوَ مَذْهَب مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَدَاوُد وَالْجُمْهُور، سَوَاء الرَّجُل وَالمرْأَة.

* * *


(١) أصل حديث ابن عمر: «لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ» في البخاري (٩٠٠)، ومسلم (٤٤٢) أما زيادة «وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ» فأخرجها أحمد (٢/ ٧٦)، وأبو داود (٥٦٥)، وغيرهما من طريق حبيب بن أبي ثابت عن ابن عمر، وحبيب لم يسمع من ابن عمر، فهذه الزيادة لا تصح عن رسول الله .
(٢) «شرح مسلم» (٧/ ٢٤٨).

<<  <   >  >>