للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول الشافعية بحديث المجامع أهله في نهار رمضان، وأن النبي أوجب عليه القضاء والكفارة، ولم يستفصل، ولو افترق الحال لسأل واستفصل، والقاعدة الأصولية تؤيده وهي: «تَرْكُ الاسْتِفْصَال فِي حِكَايَةِ الْحَالِ مَعَ قِيَامِ الاحْتِمَالِ، يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ» (١) وأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

قال ابن قدامة (٢): أَمَرَ النبي الرجلَ الذي وقع على امرأته بالكفارة، ولم يسأْله العمد، ولو افترق الحالُ لسأل واستفصل.

قال الزركشي (٣): يجب القضاء والكفارة فإن النبي لم يستفصله بين أن يكون ناسيًا أو عامدًا، ولو اختلف الحكم لاستفصله وبَيَّن له.

واعْتُرِضَ على هذا الاستدلال من أوجه:

١ - أنه قد تبيَّن حال الرجل أنه كان عامدًا لقوله: «هلكت» لأن النسيان لا يوجب هلاك العبد؛ لأنه لا قدرة له على دفعه.

٢ - دخول النسيان في الجماع في نهار رمضان احتمال بعيد، ولأنه بين الرجل والمرأة، وأنه لو نَسِي أحدهما قد يتذكر الآخر.

٣ - أن الحديث حكاية حال، فليس له عموم.

وأما دليلهم من القياس: فقاسوا الجماع في الصوم على الجماع في الحج، فكما أن من جامع

ناسيًا في الحج، تجب عليه الكفارة، فكذلك في الصوم (٤).

وأُجِيبَ بأن العبادات لا تقَاس على بعضها.

والراجح والله أعلم: أن من جامع امرأته ناسيًا في نهار رمضان - فلا قضاء عليه ولا كفارة؛ لقول النبي : «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ الله وَسَقَاهُ». والحديث صح أن أكل الناسي لا يفطر، والجماع في معناه؛ ولأن النسيان


(١) انظر: «المبدع» (٣/ ٨١)، و «كشاف القناع» (٢/ ٣٦١)، و «تحفة الأحوذي» (٣/ ٣٤٢).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٧٤).
(٣) «شرح الزركشي» (٢/ ٥٩٢).
(٤) انظر: «الحاوي» (٣/ ٤٣٠)، و «المغني» (٤/ ٣٧٥).

<<  <   >  >>