للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي «الصحيحين» (١) عن ابن عباس ﴿قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ شَهْرٍ أَفَأَقْضِيهِ عَنْهَا؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ: «فَدَيْنُ الله أَحَقُّ أَنْ يُقْضَى».

• القول الثالث: ذهب أحمد (٢) والليث وإسحاق وأبو عبيد إلى أنه لا يصام عن الميت إلا في النذر (٣).

واستدلوا لهذا القول بالسنة والمأثور والمعقول:

أولًا دليلهم من السنة: فعَنِ ابن عباس ﴿قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ الله فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ الله إِنَّ أُمِّى مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ، أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: «أَرَأَيْتِ لَوْ كَانَ عَلَى أُمِّكِ دَيْنٌ فَقَضَيْتِيهِ أَكَانَ يُؤَدِّى ذَلِكِ عَنْهَا؟». قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ: «فَصُومِى عَنْ أُمِّكِ» (٤).

الدليل الثاني: عموم ما في «الصحيحين» (٥) عن عبد الله بن عباس ﴿أن سعد بن عبادة استفتى رسول الله فقال: إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ. فَقَالَ: «اقْضِهِ عَنْهَا».

قال الحافظ (٦): وَقَالَ اللَّيْث وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو عُبَيْد: لَا يُصَام عَنْهُ إِلَّا النَّذْرُ، حَمْلًا لِلْعُمُومِ الَّذِي فِي حَدِيث عَائِشَة - أي قول النبي : «مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» - عَلَى الْمُقَيَّد فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس.

اعترض عليه بما قاله الحافظ: وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَعَارُضٌ حَتَّى يُجْمَعَ بَيْنهمَا، فَحَدِيث اِبْن عَبَّاس صُورَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ سَأَلَ عَنْهَا مَنْ وَقَعَتْ لَهُ، وَأَمَّا حَدِيث عَائِشَة فَهُوَ تَقْرِيرُ قَاعِدَةٍ


(١) أخرجه البخاري (١٩٥٣)، ومسلم (١١٤٨).
(٢) قال أبو داود: سمعت أحمد قال: لا يصام عن الميت إلا في النذر. قلت لأحمد: فشهر رمضان؟ قال: يطعم عنه. (من مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود: رقم ٦٦١).
(٣) قال ابن قدامة: (فَأَمَّا صَوْمُ النَّذْرِ فَيَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَاللَّيْثِ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَأَبِي ثَوْرٍ) «المغني» (٤/ ٣٩٩).
(٤) أخرجه مسلم (١٥٦ - ١١٤٨)، ورواه البخاري معلقًا (١٩٥٣).
(٥) أخرجه البخاري (٢٧٦١)، ومسلم (١٦٣٨).
(٦) «فتح الباري» (٤/ ٢٢٨).

<<  <   >  >>