للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين (١):

• القول الأول: أن المجامع في نهار رمضان إذا عجز عن العتق والصيام والإطعام - سقطت الكفارة. وهو قول الشافعي في رواية، وأحمد في رواية (٢).

قال النووي (٣): احْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْل بِأَنَّ حَدِيث هَذَا الْمُجَامِع ظَاهِر بِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَقِرّ فِي ذِمَّته شَيْء؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ بِعَجْزِهِ، وَلَمْ يَقُلْ لَهُ رَسُول الله : إِنَّ الْكَفَّارَة ثَابِتَةٌ فِي ذِمَّته، بَلْ أَذِنَ لَهُ فِي إِطْعَام عِيَاله.

• القول الثاني: أن المجامع في نهار رمضان إن عجز عن العتق والصيام والإطعام، فالكفارة تستقر في ذمته، ومتي أيسر فإنها تجب عليه. وهو قول الزهري، ورواية ثانية عن أحمد، وهو قياس قول أبي حنيفة، والثوري، وأبي ثور، وعن الشافعي كالمذهبين (٤).

استدلوا بأن المجامع أخبر النبي بأنه عاجز عن الخصال الثلاث، ثم أُتي النبي بعرق التمر فأمره بإخراجه في الكفارة، ولوكانت تسقط لم يكن عليه شيء.

واعترض عليه بأن النبي أذن له في إطعام عياله، ولو كانت واجبة عليه الكفارة لبينه له أنه متى أيسر أخرجها، فلما لم يَرد عُلم أن اعتبار الوجوب في حالة الوطء.

استدلوا بالقياس على الديون، كما أنه يجب على المعسر أداء الديون إذا أيسر، فكذلك إذا عجز المجامع عن العتق والكفارة والإطعام وقت الوجوب، فإنها تجب عليه إذا أيسر.

واعترض عليه بأنه لا يصح القياس على الديون؛ لأنه اطراح للنص بالقياس، والنص أَوْلى، والاعتبار بالعجز في حالة الوجوب وهي حالة الوطء.


(١) قال ابن رشد «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٦): وَالسَّبَبُ فِي اخْتِلَافِهِمْ فِي ذَلِكَ: أَنَّهُ حُكْمٌ مَسْكُوتٌ عَنْهُ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُشَبَّهَ بِالدُّيُونِ، فَيَعُودُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ فِي وَقْتِ الْإِثْرَاءِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا عَلَيْهِ لَبَيَّنَهُ لَهُ .
(٢) «شرح مسلم» (٤/ ٢٣٤)، و «المغني» (٤/ ٣٨٥).
(٣) «شرح مسلم» (٤/ ٣٣٤).
(٤) «شرح مسلم» (٤/ ٢٣٤)، و «المغني» (٤/ ٣٨٥).

<<  <   >  >>