للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقصور على الناظر، لا علاقة له بغيره.

• القول الثالث: إنه إذا نظر فأنزل، إن كان ذلك بأول نظرة لم يأثم، ولا يجب عليه القضاء، وإن كرر النظر وتلذذ فأنزل فعليه القضاء، وهو قول الحنابلة (١).

وقالوا: لأن النظرة: الأولى لا يمكن التحرز منها، ولأنه لا يأثم صاحبه فليس عليه القضاء. وأما النظرة الثانية فإنه إنزال بفعل يتلذذ به، ويمكن التحرز منه فأفسد الصوم كالإنزال باللمس.

واعترض عليه بأنه ليس هناك دليل يمنع من نظر الرجل إلى امرأته.

والراجح الله أعلم: هو القول الأول، أي أن من نظر إلى امرأته فأنزل، فليس عليه قضاء ولا كفارة، وإن نظر إلى أجنبية أثم، وليس عليه شيء.

المسألة الثالثة: حكم نزولِ المنى بغير شهوة، كالمنى الذى يخرج لمرض وغيره؟

قال ابن قدامة (٢): فَأَمَّا إنَّ أَنْزَلَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، كَاَلَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الْمَنِيُّ أَوِ الْمَذْيُ لِمَرَضٍ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ، أَشْبَهَ الْبَوْلَ؛ وَلِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ مِنْهُ وَلَا تَسَبُّبٍ إلَيْهِ؛ فَأَشْبَهَ الِاحْتِلَامَ.

المسألة الرابعة: حكم من فكَّر بقلبه فأنزل، هل يفطر؟

قال الماوردي (٣): أَمَّا إِنْ فَكَّرَ بِقَلْبِهِ فَأَنْزَلَ، فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ إِجْمَاعًا؛ لِأَنَّ الْفِكْرَ مِنْ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَرَسُولِ الله يَقُولُ: «إِنَّ الله تَعَالَى تَجَاوَزَ عَنْ أَمَّتِي الْخَطَأَ وَالنَسْيَانَ، وَمَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تَتَكَلَّمْ أَوْ تَعْمَلْ» (٤).

ولكن ورد عن المالكية والحنابلة في رواية (٥) أن الفكر مع الاستدامة إذا حصل منه معه إنزال - يفسد الصوم؛ لأنه داخل تحت الاختيار، والصحيح أن صومه صحيح؛ لقول


(١) قال ابن قدامة في «المغني» (٤/ ٢٦٣): إذَا كَرَّرَ النَّظَرَ فَأَنْزَلَ فَيَفْسُدُ الصَّوْمُ فِي قَوْلِ إمَامِنَا.
(٢) «المغني» (٤/ ٣٦٣).
(٣) «الحاوي» (٣/ ٢٩٧).
(٤) البخاري (٥٦٩) ومسلم (١٢٧).
(٥) انظر «المجموع» (٦/ ٣٢٣)، و «المغني» (٤/ ٣٦١).

<<  <   >  >>