للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسألة الثانية: من نظر إلى امرأة فأنزل في نهار رمضان ماذا عليه؟

أولاً: النظر إذا لم يقترن به إنزال، فلا يفسد الصوم بغير خلافٍ (١).

أما إذا نظر فأمنى، فاختلفوا في فساد الصوم على أقوالٍ:

• القول الأول: قال جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ، وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَابْنُ الْمُنْذِرِ: لَا يَفْسُدُ صَوْمُ مَنْ نَظَرَ فَأَمْنَى؛ لأنه إنْزَالٌ عَنْ غَيْرِ مُبَاشَرَةٍ، أَشْبَهَ الْإِنْزَالَ بِالْفِكْرِ (٢).

واستدلوا بما ورد عن جابر بن زيد أنه قال: «إِنْ نَظَرَ فَأَمْنَى يُتِمُّ صَوْمَهُ».

أورده البخاري للدلالة على الإمناء بسبب النظر لا ينقض الصوم.

وبالقياس على الاحتلام بجامع انتفاء المباشرة (٣).

• القول الثانى: قال مالك: إن نظر فأنزل بأول نظرة، فعليه القضاء دون الكفارة، وإن كرَّرَ النظر فعليه القضاء والكفارة (٤).

واستدلوا لذلك بما رواه مسلم (٥) قال النبي : «الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ، وَالْيَدَانِ تَزْنِيَانِ، ويُصَدِّقُ ذَلِكَ ويكذبهُ الفَرجُ».

وجه الدلالة منه: المساواة بين النظر واللمس في حصول الزنا بهما، وإذا كانت العين تزني بالنظر، فكذا إذا نظر فأنزل فعليه القضاء والكفارة.

واعْتُرِضَ عليه بما قاله الماوردي (٦): هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ اللَّمْسَ إِذَا صَدَّقَهُ الْفَرْجُ صَارَ زِنًا يُسْتَوْجَبُ بِهِ الْحَدُّ وَالْكَفَّارَةُ، فَأَمَّا بِمُجَرَّدِ الرُّؤْيَةِ فَلَا حَدَّ وَلَا كَفَّارَةَ.

واستدلوا أيضًا بأنه إنزال يتلذذ به، كاللمس، وفيه نوع من الاستمتاع، كالمباشرة.

واعْتُرِضَ عليه بأن قياس النظر على المباشرة فيه نظر؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن النظر


(١) «المغني» (٤/ ٣٦٣).
(٢) «المغني» (٤/ ٣٦٣).
(٣) انظر: «الحاوي» (٣/ ٤٤١)، و «المغني» (٤/ ٣٦٣).
(٤) «المدونة» (١/ ١٩٩)، و «المغني» (٤/ ٣٦٣).
(٥) أخرجه مسلم (٤/ ٢٠٤٧).
(٦) «الحاوي» (٣/ ٤٤١).

<<  <   >  >>