للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشافعي: يجوز من أول شهر رمضان؛ لأن سبب الصدقة الصوم والفطر فيه.

فإن وُجد أحد السببين جاز تعجيلها.

واعترض عليه بأن صدقة الفطر من رمضان، وليس بدخول رمضان.

قال الشوكاني: قال أحمد بن حنبل: لا تُقدم على وجوبها إلا ما يغتفر كيوم أو يومين.

قال ابن قدامة: عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يَأْمُرُ بِهِ، فَيُقْسَمُ - قَالَ يَزِيدُ: أَظُنُّ هَذَا يَوْمَ الْفِطْرِ - وَيَقُولُ: «أَغْنَوْهُمْ عَنْ الطَّوَافِ في هَذَا الْيَوْمِ» (١).

وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ، وَمَتَى قَدَّمَهَا بِالزَّمَانِ الْكَثِيرِ لم يَحْصُلْ إغْنَاؤُهُمْ بِهَا يَوْمَ الْعِيدِ، وَسَبَبُ وُجُوبِهَا الْفِطْرُ؛ بِدَلِيلِ إضَافَتِهَا إلَيْهِ، وَزَكَاةُ المالِ سَبَبُهَا مِلْكُ النِّصَابِ، وَالمقْصُودُ إغْنَاءُ الْفَقِيرِ بِهَا في الْحَوْلِ كُلِّهِ، فَجَازَ إخْرَاجُهَا في جَمِيعِهِ، وَهَذِهِ المقْصُودُ مِنْهَا الْإِغْنَاءُ في وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، فَلم يَجُزْ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ الْوَقْتِ.

فَأَمَّا تَقْدِيمُهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ فَجَائِزٌ؛ لما رَوَى الْبُخَارِيُّ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ». وَقَالَ في آخِرِهِ: «وَكَانُوا يُعْطُونَ قَبْلَ الْفِطْرِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى جَمِيعِهِمْ، فَيَكُونُ إجْمَاعًا، وَلِأَنَّ تَعْجِيلَهَا بِهَذَا الْقَدْرِ لَا يُخِلُّ بِالمقْصُودِ مِنْهَا، فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهَا تَبْقَى أَوْ بَعْضَهَا إلَى يَوْمِ الْعِيدِ، فَيُسْتَغْنَى بِهَا عَنْ الطَّوَافِ وَالطَّلَبِ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا زَكَاةٌ، فَجَازَ تَعْجِيلُهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا، كَزَكَاةِ المالِ، وَاللَّهُ أَعْلم.

سئل فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين حفظه الله: متى تخرج زكاة الفطر؟

فأجاب: الأفضل أن تخرج قبل الخروج لصلاة العيد، ويجوز تقديمها قبل ذلك بيوم أو يومين، ولا يجوز بأكثر من ذلك.

وذلك لأنه لو أعطاها الفقير قبل العيد بأيام، لأمكن أن ينفقها، فيأتيه العيد وليس عنده شيء، فيحتاج إلى التسول وإلى الاستجداء، فأُمر المسلم أن يخرجها قبل الخروج لصلاة العيد أو قبل العيد بيوم أو يومين.


(١) ضعيف: في إسناده أبو معشر، وهو ضعيف.

<<  <   >  >>