للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثانى: لا يشترط التتابع، وهو قول الحنابلة.

قال شيخ الإسلام (١)، «ولا يشترط تتابعها، فسواء صامها عقيب الفطر أو فصل بينهما، وسواء تابعها أو فَرَّقَها؛ لأن النبي قال: «وأتبعه بست من شوال»، وفى رواية: «ستًّا من شوال»، فجعل شوالًا كله محلًا لصومها، ولم يخصص بعضه من بعض، ولو اختص ذلك ببعضه لقال: ستًّا من أول شوال، أو من آخر شوال، وإتباعه بست من شوال يحصل بفعلها من أوله، أو آخره؛ لأنه لابد من الفصل بينها وبين رمضان بيوم الفطر، وهو من شوال.

• الثالثة: هل يجوز تقديم الست من شوال على قضاء رمضان؟

يجوز صوم الست من شوال قبل قضاء ما عليه، من رمضان، والأصل في ذلك أن قضاء رمضان وقته موسع كما قال تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤].

وفى البخاري عن عائشة قالت: «كَانَ يَكُونُ عَلَىَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلاَّ في شَعْبَانَ».

أما صيام الست من شوال، فالوقت فيها خاص بشوال، ولكن لم يحز الفضل الوارد في حديث النبي ، شهرًا بعشرة أشهر، وصيام ستة أيام من شوال، ذلك تمام السنة إلا بعد قضاء ما عليه من رمضان.

أما من استدل بحديث «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ» والذى عليه من أيام من رمضان ما يكون صام رمضان، فتقول: أحيانًا تطلق هذه الألفاظ على التغليب. «وكان الرسول يصوم شعبان كله» أي إلا قليلًا.

قال الترمذي (٢): جَائِزٌ في كَلَامِ العَرَبِ، إِذَا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يُقَالَ: صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ، وَيُقَالُ: قَامَ فُلَانٌ لَيْلَهُ أَجْمَعَ، وَلَعَلَّهُ تَعَشَّى وَاشْتَغَلَ بِبَعْضِ أَمْرِهِ، اه. وقضاء رمضان موسع كما ذكرنا، فمتى قضى الذي عليه من رمضان، مع صيام ست أيام من شوال، حصل له الأجر إن شاء الله. مع أن الأصل أن المسلم يبادر بقضاء ما عليه أولًا، ثم


(١) «شرح العمدة» (٢/ ٥٥٩).
(٢) «السنن» (٣/ ١٠٥).

<<  <   >  >>