للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَصُومُهَا، وَلم يَبْلُغْنِي ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَإِنَّ أَهْلَ الْعِلم يَكْرَهُونَ ذَلِكَ، وَيَخَافُونَ بِدْعَتَهُ، وَأَنْ يُلْحِقَ بِرَمَضَانَ مَا لَيْسَ مِنْهُ أَهْلُ الْجَهَالَةِ وَالْجَفَاءِ.

قال الشوكانى (١): قال أبو حنيفة ومالك: يكره صومها. واستدلا على ذلك بأنه ربما ظُن وجوبها، وهو وباطل، لا يليق بعاقل، فضلًا عن عالم نصب مثله في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة، وأيضًا يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها، ولا قائل به.

قلت: وقد اعتذر ابن عبد البر (٢) عن مالك في قوله فقال لم يَبْلُغْ مَالِكًا حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ مَدَنِيٌّ، وَالْإِحَاطَةُ بِعِلم الْخَاصَّةِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهِ، وَالَّذِي كَرِهَهُ لَهُ مَالِكٌ أَمْرٌ قَدْ بَيَّنَهُ وَأَوْضَحَهُ، وَذَلِكَ خَشْيَةَ أَنْ يُضَافَ إِلَى فَرْضِ رَمَضَانَ وَأَنْ يَسْتَبِينَ ذَلِكَ إِلَى الْعَامَّةِ، وَكَانَ مُتَحَفِّظًا كَثِيرَ الِاحْتِيَاطِ لِلدِّينِ.

• الثانية: هل يشترط التتابع في هذه الأيام؟

اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:

القول الأول: يستحب التتابع، وهوقول الشافعية:

واستدلوا بعموم قول النبي : «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» الحديث.

قال النووي (٣): قال أصحابنا: يستحب صوم ستة أيام من شوال، لهذا الحديث، قالوا: يستحب أن يصومها متتابعة في أول شوال، فإن فَرَّقَها أو أخرها عن أول شوال جاز، وكان فاعلًا لأصل هذه السنة؛ لعموم الحديث وإطلاقه، وهذا لا خلاف فيه عندنا، وبه قال أحمد، وداود.


(١) «نيل الأوطار» (٤/ ٢٨٢).
(٢) «الاستذكار» (١٠/ ٢٥٩).
(٣) «المجموع» (٦/ ٣٧٩).

<<  <   >  >>