للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثانى: ذهب الحسن البصرى، (١) وأبو حنيفة، وأبو يوسف، ومالك، إلى كراهة صيامها.

واستدلوا لذلك أنه يلحق بالفريضة، ما ليس منها فيظن الناس وجوبها (٢).

قال أبو يوسف: كَانُوا يَكْرَهُونَ أَنْ يُتْبِعُوا رَمَضَانَ صَوْمًا؛ خَوْفًا أَنْ يَلْحَقَ ذَلِكَ بِالْفَريضَةِ (٣).

واعْتُرِض عليه بأن صيام ستة أيام من شوال ليس فيها إلحاق النافلة بالفريضة، ولكن بينهما فاصل، وهو يوم العيد.

قال شيخ الإسلام (٤): وكان أحمد ينكر على من يكرهها؛ كراهة أن يلحق برمضان ما ليس منه، لأن السنة وردت بفضلها، والحض عليها، ولأن الإلحاق إنما خيف في أول الشهر؛ لأنه ليس بين رمضان وغيره فصل، أما في آخره، فقد فصل بينه وبين غيره بيوم العيد، وكان نهيه عن صوم يوم العيد وحده ليلًا، على أن النهى مختص به، وأن ما بعده وقت إذن وجواز، ولو شاء لنهى عن أكثر من يوم، كما قال في أول الشهر: «لا تقدموا رمضان بصوم يوم، ولا يومين» (٥).

واستدل الإمام مالك على الكراهة بما قاله في «الموطأ» (٦) قال يَحْيَى: وسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ في صِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: إِنَّهُ لم يَرَ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلم وَالْفِقْهِ


= ثوبان الصحيح: يحيى بن الحارث، سمع أبا أسماء، عن ثوبان به عن النبي . وللحديث شواهد أخر لا تخلو من مقال منها: حديث جابر، وابن عباس وأبي هريرة.
(١) أخرجه الترمذي (٣/ ١٢٤)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٣/ ٩٧) بإسناد صحيح، عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ قَالَ: كَانَ إِذَا ذُكِرَ عِنْدَهُ صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ بِصِيَامِ هَذَا الشَّهْرِ عَنِ السَّنَةِ كُلِّهَا.
(٢) انظر: «نيل الأوطار» (٤/ ٢٨٢).
(٣) «بدائع الصنائع» (٢/ ٧٨).
(٤) «شرح العمدة» (٢/ ٥٥٩).
(٥) صحيح: سيأتى تخريجه.
(٦) انظر: «الموطأ» (١/ ٣٣٠).

<<  <   >  >>