للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقصر الصلاة في اليوم الذي سافر فيه نهارًا، فكذلك يجوز الإفطار؛ وَلِأَنَّ الْفِطْرَ إِنَّمَا أُبِيحَ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: المرَضُ وَالسَّفَرُ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ لِلمرِيضِ أَنْ يُفْطِرَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، وَإِنْ صَامَ فِي أَوَّلِهِ فَكَذَلِكَ المسَافِرُ (١).

• القول الثالث: للمسافر أن يفطر في بيته قبل أن يخرج، وليس له أن يقصر الصلاة حتى يخرجَ عن جدار المدينة أو القرية، وهو قول إسحاق بن إبراهيم الحنظلي (٢).

استدلوا لهذا القول بالسنة والمأثور:

أما دليلهم من السنة: فروى البخاري (٣) عن ابن عباس قال: «خَرَجَ النَّبِيُّ فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ».

قال الشوكاني: وهذا الحديث تقوم به الحجة علي جواز إفطار من أصبح في حضر مسافرًا.

الدليل الثاني: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قال: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ في رَمَضَانَ وَهُوَ يُرِيدُ سَفَرًا، وَقَدْ رُحِلَتْ لَهُ رَاحِلَتُهُ، وَلَبِسَ ثِيَابَ السَّفَرِ، فَدَعَا بِطَعَامٍ فَأَكَلَ فَقُلْتُ لَهُ: سُنَّةٌ؟ قال: سُنَّةٌ، ثُمَّ رَكِبَ (٤).


(١) انظر: «الحاوي» (٣/ ٣٠٨).
(٢) انظر: «سنن الترمذي» (٣/ ١٦٤).
(٣) أخرجه البخاري (٤٢٧٧).
(٤) أخرجه الترمذي «السنن» (٧٩٩) قال: حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلم، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ المنْكَدِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ قَالَ: «أَتَيْتُ أَنَسَ بن مالك … به، وفي إسناده عبد الله بن جعفر وهو ضعيف. ولكن تابعه محمد بن جعفر. أخرجه الترمذي قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي زَيْدُ بْنُ أَسْلم قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ المنْكَدِرِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنُ مَالِكٍ … فذكر نحوه.
قلت: هذا إسناد صحيح ولكن قال فيه: «أتيت أنس بن مالك» فذكر نحوه ليست صريحة في أنه بنفس اللفظ المذكور في حديث عبد الله بن جعفر. وتابع محمدَ بن إسماعيل البخاري إسماعيلُ بن إسحاق، أخرجه الدارقطني في «السنن» (٢/ ١٨٧). قال: حدثنا أبوبكر النيسابوري ثنا إسماعيل بن إسحاق به. وأبو بكر النيسابوري قال الذهبي: حافظ ثبت مجود، وإسماعيل بن إسحاق صدوق. وتابعهما عثمان بن سعيد الدارمي.
أخرجه البيهقي «السنن الكبري» (٤/ ٢٤٧) من طريق الدارمي عن ابن أبي مريم به.
وأخرجه الطبراني في «الأوسط» (٩٠٣٩). وفي إسناده مقدام بن داود بن عيسى، ضعيف «لسان الميزان» (٧/ ١٤٤)، وأبدل في الرواية محمد بن جعفر ب (جعفر بن محمد) وفيه نكارة في المتن وهي: «دخلت على أنس عند العصر يوم يشكون رمضان»، مع أن الطرق الأخرى: أتيت أنس بن مالك في رمضان. وخالف محمد بن جعفر وعبد الله بن جعفر - عبد العزيز الدراوردي.
قال ابن أبي حاتم «العلل» رقم: (٦٩٩) (ص ٢٤٠) سألت أبي عن حديث رواه عبد العزيز الدراوردي، عن زيد بن أسلم، عن محمد بن المنكدر، عن محمد بن كعب، أنه أتي أنس ابن مالك في رمضان وهو يريد سفرًا، فوجده وقد رُحلت راحلته، ولبس ثياب السفر، فدعا بطعام فأكل. فقلنا: أسنة؟ قال: ليس بسنة. قلت: إن الدراوردي خالف محمد بن جعفر وعبد الله بن جعفر قالا: «سنة»، والدراوردي قال: ليس بسنة. وتابع زيد بن أسلم محمد بن عبد الرحمن بن مجبر. قال ابن أبي حاتم في «العلل» (٦٩٩): ورواه محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن ابن عبد الرحمن بن مجبر عن ابن المنكدر عن محمد بن كعب … فذكر الحديث قال: فقلت: سُنَّةٌ؟ فقال: نعم سُنَّةٌ. قلت: وفى إسناده محمد بن عبد الرحمن بن مجبر: متروك، وقال ابن أبي حاتم في «العلل» رقم: (٦٩٩): سألت أبي عن حديث رواه عبد العزيز الدراوردي … قال أبي: حديث الدراوردي أصح.

<<  <   >  >>