للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن تأخير القضاء ليس بمقيد إلى مجيء رمضان آخر، وتأخير عائشة إنما كان لأنه كان يستمتع بها، وكان في شعبان يشتغل بالصوم فتشغل هي بالقضاء، وفي غير رمضان تتفرغ لخدمته.

وأُجيبَ عنه بما روى أحمد عن أبي هريرة عن رسول الله قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَيْءٌ لَمْ يَقْضِهِ، لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ» (١).

واعترض عليه بأن هذا الحديث لا يصح عن رسول الله .

• القول الآخر: أن من عليه أيام من رمضان فلم يقضها حتى أدركه شهر رمضان آخر - يقضي الذي فاته ولا شيء عليه (أي: لا إطعام عليه)، وهو مذهب أبي حنيفة (٢)، والبخاري في صحيحه (٣)، وابن حزم، وهو قول إبراهيم النخعي والحسن وطاوس وحماد بن أبي سليمان (٤).

واستدلوا بعموم قوله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥].

وجه الدلالة ما قاله القرطبي: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ دل ذلك على وجوب القضاء من غير تعيين لزمان لأن اللفظ مسترسل على الأزمان لا يختص ببعضها دون بعض.

الراجح في المسألة والله أعلم: أنه من كان عليه أيام من رمضان فلم يقضها حتى أدركه رمضان آخر، فليس عليه إلا القضاء فقط، ولا كفارة عليه لقوله تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.

ولم يَحُدَّ الله تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ في ذلك وَقْتًا بِعَيْنِهِ، فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عليهم أَبَدًا حتى يُؤَدَّي أَبَدًا ولم يَأْتِ نَصُّ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ بِإِيجَابِ إطْعَامٍ في ذلك، فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُ ذلك


(١) أخرجه أحمد (٢/ ٣٥٢)، وفي إسناده ابن لهيعة سيئ الحفظ.
(٢) «بدائع الصنائع» (٢/ ١٠٤).
(٣) قال البخاري في «الصحيح» (١٩٤٩): وَيُذْكَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرسلًا وَابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ يُطْعِمُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الله الْإِطْعَامَ إِنَّمَا قَالَ: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.
(٤) «المحلى» (٦/ ٢٦٠).

<<  <   >  >>