للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليلهم من السنة: الزيادة الواردة في حديث أبي هريرة في قصة الرجل الذي وقع على أهله في نهار رمضان وهي قوله : «صُمْ يَوْمًا مَكَانَهُ» (١).

أما دليلهم من المعقول: فهو أنه أفسد يومًا من رمضان فلزمه قضاؤه، كما لو أفسده بالأكل؛ لأنه إذا وجب القضاء على المريض والمسافر وهما معذوران، فعلى المجامع أَوْلى، ولأن القضاء بدل اليوم الذي أفسده، والكفارة عقوبة الذنب الذي ارتكبه (٢).

• القول الثاني: وهو قول بعض الشافعية واختيار ابن تيمية أن من أفسد صومه بالجماع لا يجب عليه القضاء (٣).

استدلوا بما ورد في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة وعائشة في الرجل الذي وقع على امرأته في نهار رمضان، ولم يذكر أحد أمره بالقضاء، ولو كان أمَره بذلك لما أهمله هؤلاء كلهم، وهو حكم شرعي.

وأما دليلهم من المعقول: فهو أن المُجامع ارتكب إثمًا عظيمًا وذنبًا كبيرًا، ولا ينفعه الندم.

وأُجيب عن استدلالهم بالحديث: بأن عدم أمره بالقضاء لا يدل على سقوط القضاء، بل هو آكد من الكفارة، ووجوب الكفارة دليل على وجوب القضاء، وأما قولهم بأن القضاء لا ينفعه، فهذا غير مسلَّم؛ لأنه بالقضاء تبرأ ذمته من اليوم الذي أفسده، إلى جانب الندم والاستغفار.

• أما القول الثالث: فهو قول بعض الشافعية، وحكي عن الأوزاعي أنه قال: من كَفَّر بالصيام فلا قضاء عليه؛ لأنه صام شهرين متتابعين (٤).

قال ابن العربي (٥): كلام الأوزاعي ليس بشيء.

الراجح في المسألة: هو ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من وجوب القضاء على المجامع


(١) أخرجه ابن ماجه (١٦٧١) وغيره، وفي إسناده عبد الجبار بن عمر: ضعيف.
(٢) «المغني» (٤/ ٣٧٢)، و «المهذب» (٢/ ٦١٠).
(٣) «المجموع» (٦/ ٣٣١)، و «مجموع الفتاوى» (٢٥/ ٢٢٦).
(٤) ا «المجموع» (٦/ ٣٣١)، و «المغني» (٤/ ٣٧٢)، و «فتح الباري» (٤/ ١٧٢).
(٥) «عارضة الأحوذي» (٣/ ٢٥٣).

<<  <   >  >>