للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوصال إلى السحر (١).

واستدلوا لذلك بما روى البخاري (٢) عن أبي سعيد الخدري أنه سمع النبي يقول: «لَا تُوَاصِلُوا، فَأَيُّكُمْ أَرَادَ أَنْ يُوَاصِلَ فَلْيُوَاصِلْ حَتَّى السَّحَرِ» قَالُوا: فَإِنَّكَ تُوَاصِلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنِّي أَبِيتُ لِي مُطْعِمٌ يُطْعِمُنِي وَسَاقٍ يَسْقِينِي».

قال ابن حجر (٣): وَاسْتُدِلَّ بِمَجْمُوعِ هَذِهِ الْأَحَادِيث عَلَى أَنَّ الْوِصَال مِنْ خَصَائِصه ، وَعَلَى أَنَّ غَيْره مَمْنُوع مِنْهُ إِلَّا مَا وَقَعَ فِيهِ التَّرْخِيص مِنَ الْإِذْن فِيهِ إِلَى السَّحَر.

• القول الآخر: القائلون بتحريم الوصال مطلقًا:

قال ابن عبد البر (٤): وكره مالك والثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وجماعة من أهل الفقه، والآثار - الوصال على كل حال لمن قوي عليه ولغيره، ولم يجيزوا الوصال لأحد.

في «الصحيحين» (٥) عن ابن عمر ﴿عَنِ النَّبِيِّ قال «لا تُوَاصِلُوا» قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ؟ قَالَ: «لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى. أَوْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى».

وجه الدلالة: ما قاله ابن عبد البر: وقَدْ نَهَاهُمْ رَسُولُ الله عَنِ الْوِصَالِ وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا نَهَيْتُكُمْ، عَنْ شَيْءٍ فَانْتَهُوا عَنْهُ». وَحَقِيقَةُ النَّهْيِ الزَّجْرُ وَالْمَنْعُ.

وفي «الصحيحين» (٦) عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله : «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ».

وجه الدلالة ما قاله ابن حجر (٧): إِذْ لَمْ يَجْعَل اللَّيْل مَحَلًّا لِسِوَى الْفِطْر، فَالصَّوْم فِيهِ


(١) «فتح الباري» (٤/ ٢٤١)، و «التمهيد» (١٤/ ٣٦٢).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٦٧).
(٣) «فتح الباري» (٤/ ٢٤٠).
(٤) «التمهيد» (١٤/ ٣٦٣).
(٥) أخرجه البخاري (١٩٩٢)، ومسلم (١١٠٢).
(٦) أخرجه البخاري (١٩٥٤)، ومسلم (١١٠٠).
(٧) «فتح الباري» (٤/ ٢٤١).

<<  <   >  >>