(٢) قال السرخسى: أما السنة الأولى فتكفر ما جرى فيها، قال: واختلف العلماء في معنى تكفير السنة الباقية المستقبلية. وقال بعضهم: معناه إذا ارتكب فيها معصية، جعل الله تعالى صوم يوم عرفة الماضى كفارة، كما جعله مكفرًا لما في السنة الماضية. وقال بعضهم: معناه أن الله تعالى يعصمه في السنة المستقبلية عن ارتكاب ما يحتاج فيه إلى كفارة. وقال صاحب العدة في تكفير السنة الأخرى: يحتمل معنيين: أحدهما: المراد: السنة التى قبل هذه، فيكون معناه أنه يكفر سنتين ماضيتين. والثانى: أنه أراد سنة ماضية، وسنة مستقبلية. قال: وهذا لا يوجد مثله في شاء من العبادات، أنه يكفر الزمان المستقبل، وإنما ذلك خاص لرسول الله ﷺ غفر الله له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، بنص القرآن العزيز. معنى يكفر السنة الماضية والباقية، هل يكفر الصغائر، أم يكفر الصغائر والكبائر؟ في معنى هذا الحديث: تأويلان: الأول: أنه يكفر كل الذنوب الصغائر والكبائر. الثانى: يكفر الصغائر فقط. قال القاضى عياض: هذا المذكور في الأحاديث من غفران الصغائر دون الكبائر، وهو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة، أو رحمة الله تعالى. فإن قيل: قد وقع في هذا الحديث هذه الألفاظ، ووقع في الصحيح غيرها، مما في معناها، فإذا كفر الوضوء، فماذا تكفره الصلاة، وإذا كفرت الصلوات، فماذا تكفره الجماعات، ورمضان، وكذا صوم يوم عرفة كفارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه؟ فالجواب: ما أجاب به العلماء، أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة، كتبت به حسنات، ورفعت له به درجات، وذلك كصلوات الأنبياء، والصالحين، والصبيان، وصيامهم، ووضوئهم، وغير ذلك من عباداتهم، وإن صادف كبيرة أو كبائر، ولم يصادف صغائر رجونا أن تخفف من الكبائر.