للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي «الصحيحين» (١). عن ميمونة : «أَنَّ النَّاسَ شَكُّوا في صِيَامِ النَّبِيِّ يوم عَرَفَةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ بِحِلَابٍ وَهْوَ وَاقِفٌ في الموْقِفِ، فَشَرِبَ مِنْهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ».

وسُئِلَ ابْنُ عُمَرَ عَنْ صَوْمِ يوم عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ فَقال: حَجَجْتُ مَعَ النبي فَلم يَصُمْهُ، وَمَعَ أَبِى بَكْرٍ فَلم يَصُمْهُ، وَمَعَ عُمَرَ فَلم يَصُمْهُ، وَمَعَ عُثْمَانَ فَلم يَصُمْهُ. وَأَنَا لَا أَصُومُهُ وَلَا آمُرُ بِهِ وَلَا أَنْهَى عَنْهُ (٢).

وجه الدلالة من هذه الأحاديث: أن الفطر أفضل لأهل عرفة لاختياره لنفسه ولأصحابه، واختيار خلفائه بعده، وفى الفطر قوة على الدعاء، وفيه أن يوم عرفة عيد لأهل عرفة (٣)، روي عن مالك أنه كان يأمر بالفطر يوم عرفة في الحج، ويذكر أن النبي كان مفطرًا (٤).

قال أحمد: يستحب صيام عرفة هنا، وأما بعرفة فلا، يروون عن النبي أنه أفطر (٥).

قال الشافعي: أحب صيام يوم عرفة لغير الحاج، فأما من حج، فأَحَب إلى أن يفطر؛ ليقويه الفطر على الدعاء.

وقد ورد عن بعض السلف كعائشة، والزبير بن العوام، والحسن البصرى - أنهم يستحبون صيام يوم عرفة بعرفات.

١ - عن القاسم بن محمد، قال: وَلَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ عَشِيّةَ عَرَفَةَ، يَدْفَعُ الإمَامُ وَتَقِفُ حَتّى يَبْيَضّ مَا بَيْنَها وَبيْنَ النّاسِ مِنَ الأَرْضِ، ثُمّ تَدْعُو بالشَّرَابِ فَتُفْطِرُ» (٦).


(١) أخرجه البخاري (١٩٨٩)، ومسلم (١١٢٤).
(٢) إسناده صحيح: أخرجه أحمد (٢/ ٤٧، ٥٠)، والنسائي في «الكبرى» (٢٨٢٦)، والترمذي (٧٥١) وغيرهم. من طريق عبد الله بن أبي نجيح، عن أبيه، عن ابن عمر به.
(٣) انظر: «تهذيب السنن» (٣/ ٣٣٢).
(٤) انظر: «التمهيد» (٢١/ ١٥٨).
(٥) «شرح العمدة» (٢/ ٧٦٢).
(٦) صحيح: أخرجه الطبرى في «تهذيب الآثار» (١/ ٦٠٦ - مسند عمر).

<<  <   >  >>