للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«وَمَنْ أَنْتَ؟». قال: أَنَا الْبَاهِلِىُّ الَّذِى جِئْتُكَ عَامَ الأَوَّلِ. قال: «فَمَا غَيَّرَكَ وَقَدْ كُنْتَ حَسَنَ الْهَيْئَةِ؟» قال: مَا أَكَلْتُ طَعَامًا إِلاَّ بِلَيْلٍ مُنْذُ فَارَقْتُكَ. فَقال رسول اللَّهِ : «لم عَذَّبْتَ نَفْسَكَ؟!». ثُمَّ قال: «صُمْ شَهْرَ الصَّبْرِ، وَيومًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ». قال: زِدْنِى فَإِنَّ بِى قُوَّةً. قال: «صُمْ يومين». قال: زِدْنِى. قال: «صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ». قال: زِدْنِى. قال: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ». وَقال بِأَصَابِعِهِ الثَّلَاثَةِ فَضَمَّهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا (١).

أما دليلهم من المأثور:

١ - فعن سالم: «أن ابن عمر كَانَ يَصُومُ أَشْهُرَ الْحُرُمِ» (٢).

٢ - وعن يونس بن عبيد: «أن الحسن كَانَ يَصُومُ أَشْهُرَ الْحُرُمِ» (٣).

وهنا مسألة هامة: وهى إذا كان يستحب الصوم في الأشهر الحرم، فهل هى كلها بمنزلة واحدة، أو أنها تتفاضل؟

نقول إنها تتفاضل، فقد ثبت في فضل المحرم قول النبي : «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ المحَرَّمُ».

وثبت في فضل العشر الأول من ذى الحجة قول النبي : «مَا الْعَمَلُ في أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا في هَذِهِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ. قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ. إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ في سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ لَا يَرْجِعُ مِنْ ذَلِكَ بِشَىْءٍ» (٤).


(١) ضعيف: أخرجه أحمد (٥/ ٢٨)، وأبو داود (٢٤٢٨)، والنسائي في «الكبرى» (٢٧٤٣) وغيرهم. من طريق سعيد الجريرى، عن أبي السَّليل، عن مُجِيبَةَ الباهلية، عن أبيها، أو عمها به.
قلت: وفى هذا السند علتان: الأولى: جهالة مجيبة. الثانية: اختلف عليه اختلافًا كبيرًا، قال الحافظ في «التهذيب»: واختلف عليه فيه: فقيل: هكذا - أى: مجيبة الباهلية - وقيل: عن أبي مجيبة، عن أبيه، عن عمه، وقيل: عن مجيبة الباهلية، عن أبيها، عن عمها.
(٢) رجاله ثقات: أخرجه عبد الرزاق (٧٨٥٦)، عن معمر، عن الزهري، عن سالم، به.
(٣) صحيح: أخرجه ابن أبي شيبة (٣/ ٤٢)، عن ابن علية، عن يونس، عن الحسن به.
(٤) صحيح: سبق تخريجه.

<<  <   >  >>