للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَمَاعَة في المسْجِد؟ فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَجُمْهُور أَصْحَابه وَأَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَبَعْض المالِكِيَّة وَغَيْرهمْ: الْأَفْضَل صَلَاتهَا جَمَاعَة، كَمَا فَعَلَهُ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَالصَّحَابَة﴾، وَاسْتَمَرَّ عَمَل المسْلمينَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مِنْ الشَّعَائِر الظَّاهِرَة (١).

وفي «السنن» (٢) بإسناد صحيح عن أبي ذر عن النبي قال: «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ».

قال أبو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ، وَقِيلَ لَهُ: أَنْ يُصَلِّيَ الرَّجُلُ مَعَ النَّاسِ فِي رَمَضَانَ أَوْ وَحْدَهُ؟ قَالَ: يُصَلِّي مَعَ النَّاسِ، وَسَمِعْتُهُ أَيْضًا، يَقُولُ: يُعْجِبُنِي أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْإِمَامِ وَيُوتِرَ مَعَهُ، قَالَ النَّبِيُّ : «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ بَقِيَّةُ لَيْلَتِهِ» (٣).

• القول الآخر: ما قاله الحافظ ابن حجر (٤): وَعَنْ مَالِك في إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَبِي يُوسُف وَبَعْض الشَّافِعِيَّة: الصَّلَاة في الْبُيُوت أَفْضَل.

واستدلوا لذلك بعموم قوله : «أَفْضَلَ صَّلَاةِ المرْءِ في بَيْتِهِ إلا المكْتُوبَةَ» (٥).

والراجح: ما ذهب إليه جمهور العلماء من أن الأفضل أن تصلي التراويح جماعة مع الإمام، لعموم قول النبي : «إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ مِنْ صَلَاتِهِ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ».

وهذا هو فعل عمر بن الخطاب، واستمر عليه عمل المسلمين، ولأنه من الشعائر


(١) «شرح مسلم» (٢/ ٤١٠).
(٢) أخرجه أبو داود (١٣٧٥)، والترمذي (٨٠٦)، والنسائي (١٦٠٤) (١٣٦٣)، وابن ماجه (١٣٢٧) وغيرهم.
(٣) «مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود» (ص ٩٠).
(٤) «فتح الباري» (٤/ ٤١٠).
(٥) أخرجه البخاري (٧٣١، ٦١١٣)، ومسلم (٧٨١)، من حديث زيد بن ثابت أن النبي اتخذ حجرة من المسجد من حصير، فصلى بها ليالي حتى اجتمع لها الناس ثم فقدوا صوته فظنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح بهم ليخرج فقال: «مَا زَالَ بِكُمْ الَّذِي رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ حَتَّى خَشِيتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ حَتَّى خَشِيتُ أَنْ يُكْتَبَ عَلَيْكُمْ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَلَوْ كَتَبَ عَلَيْكُمْ مَا قُمْتُمْ بِه، فَصَلُّوا أَيْهَا النَّاسِ فِي بِيُوتِكِمْ فَإِنَّ أَفْضَلْ صَلَاةِ المرْء فِي بَيْتِهِ إِلَّا المكْتُوَبَةْ».

<<  <   >  >>