للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوجه الأول: أن عائشة روت صفات أخرى عن النبي تفيد أنه زاد في صلاته بالليل على إحدى عشرة ركعة.

روى البخاري عن عائشة: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، ثُمَّ يُصَلِّي إِذَا سَمِعَ النِّدَاءَ بِالصُّبْحِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ (١).

وروى مسلم عن عائشة: كَانَ رَسُولُ اللهِ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُوتِرُ مِنْ ذَلِكَ بِخَمْسٍ، لَا يَجْلِسُ في شَيْءٍ إِلَّا في آخِرِهَا (٢).

وقد جمع العلماء بين روايات عائشة:

قال القرطبي: والصحيح أن كل ما ذكَرَتْه صحيح من فعل النبي في أوقات متعددة، وأحوال مختلفة، حَسَب النشاط واليُسْر، وليبين أن كل ذلك جائز (٣).

وقال الصنعاني: الرِّوَايَاتُ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَوْقَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَأَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ بِحَسَبِ النَّشَاطِ وَبَيَانِ الْجَوَازِ وَأَنَّ الْكُلَّ جَائِزٌ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهَا أَخْبَرَتْ عَنِ الْأَغْلَبِ مِنْ فِعْلِهِ ، فَلَا يُنَافِيهِ مَا خَالَفَهُ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ عَنْ النَّادِرِ (٤).

الوجه الثاني: أنه ورد أن النبي قام الليل ثلاث عشرة ركعة من طريق غير واحد من الصحابة والمثبت مقدم على النافي.

ففي الصحيحين (٥) من حديث ابن عباس ﴿: أَنَّهُ بَاتَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَهِيَ خَالَتُهُ فَاضْطَجَعْتُ في عَرْضِ وِسَادَةٍ وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللهِ وَأَهْلُهُ في طُولِهَا، فَنَامَ حَتَّى انْتَصَفَ اللَّيْلُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ، فَاسْتَيْقَظَ يَمْسَحُ النَّوْمَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ قَرَأَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ آلِ عِمْرَانَ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ إِلَى شَنٍّ مُعَلَّقَةٍ فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَصَنَعْتُ مِثْلَهُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبهِ فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى رَأْسِي وَأَخَذَ بِأُذُنِي يَفْتِلُهَا، ثُمَّ صَلَّى


(١) البخاري (١١٢٤).
(٢) مسلم (٧٣٧).
(٣) «المفهم» (٣٢٢).
(٤) «سبل السلام» (٢/ ١٩).
(٥) أخرجه البخاري (٩٩٢)، ومسلم (٧٦٣).

<<  <   >  >>