للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحابته الكرام.

قال الشيخ ابن عثيمين: ليس هناك دليل على الدعاء الذي يكون عند انتهاء القرآن في صلاة التراويح، فإن ذلك لم يرد عن النبي ولا عن أصحابه - فيما أعلم -، وغاية ما ورد في ذلك: ما ذُكر عن أنس بن مالك أنه «كان إذا ختم القرآن؛ جمع أهله ودعا» أما أن يكون ذلك في قيام الليل في التراويح؛ فلا أعلم ذلك، ولكن جرت عادة الناس - اليوم - على أن يقرؤوا هذا الدعاء بعد انتهاء القرآن؛ فمن تابع إمامه في ذلك فلا حرج عليه، أما أن يفعله هو بنفسه؛ فإن الذي أرى أن لا يفعله، لأن شيئًا لم يثبت عن النبي ، ولا عن أصحابه - لا ينبغي لنا أن نفعله، ولو أن الإمام جعل آخر القرآن في صلاة الوتر، وقنت فيه بعد انتهاء القرآن بنية أنه من القنوت، لكان ذلك طيبًا.

والمهم: أنه لم يرد عن النبي ولا عن أصحابه أنهم كانوا يختمون القرآن بهذا الدعاء في صلاة التراويح، وما لم يرد؛ فلا ريب أن الأفضل تركه، وعدم القيام به، لكن متابعة الإمام فيه أَوْلى من مخالفته والخروج من المسجد - بلا شك (١).

قال الشيخ مشهور حسن: الدعاء الذي يدعو به من يختم القرآن عند ختمه؛ وإن كان أصله مما ورد بعينه أو بجنسه؛ فإنما ورد عامًّا غير مقيد بختم القرآن، فجعلُ ختم القرآن سببًا للدعاء به تقييد له بسبب لم يرد به الشرع، فإنه من المعلوم أن النبي كان يقرأ القرآن ويختمه ولم ينقل عنه أنه كان يدعو عند ختمه، فعُلم أنه لم يفعله، ولما لم يفعله عُلم أنه ليس من سنته، إذ لو كان من سنته لفعله، أو أقر عليه، ثم نقل ذلك للأمة؛ لأن الله تعالى تكفل ببيان شريعته وحفظها، ولم يكن الله تعالى ليدع أمرًا محبوبًا إليه ثابتًا من دينه بدون بيان لعباده فلا يفعله النبي ، ولا أحد من أصحابه في عهده فيقر عليه، أو يفعل ذلك ولا ينقل للأمة؛ فإن هذا خلاف قوله تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾ وخلاف قوله: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (٢).

* * *


(١) «دعاء ختم القرآن عند السلف» (١٦٦، ١٦٧).
(٢) «دعاء ختم القرآن عند السلف» (١٨٨، ١٨٩).

<<  <   >  >>