للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الإمام أحمد (١): اختيار القنوت بعد الركعة لأن كل شيء يثبت عن رسول الله في القنوت إنما هو في الفجر لما رفع رأسه من الركعة. وقال ابن نصر: قال أحمد: القنوت بعد الركوع ويرفع يديه، وذلك على قياس فعل النبي في الغداة.

وقال البيهقي (٢): وَقَدْ رُوِّينَا في قُنُوتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ الرُّكُوعِ مَا يُوجِبُ الاِعْتِمَادَ عَلَيْهِ، وَقُنُوتُ الْوِتْرِ قياسٌ عَلَيْهِ.

• القول الآخر: ذهب الحنفية (٣) إلى أن محل القنوت قبل الركوع بعد القراءة.

وبه قال الحسن وابن سيرين (٤)، والأسود (٥)، وسعيد بن جبير (٦).

ورد القنوت قبل الركوع في صلاة القنوت في أحاديث كثيرة، منها حديث ابن عمر أن النبي كان يوتر بثلاث ركعات ويجعل القنوت قبل الركوع. وكذا ابن عباس وابن مسعود وأُبي بن كعب، ولكن لا يصح منها حديث.

قال الإمام أحمد: ولم يصح عن النبي في قنوت الوتر قبل أو بعد شيء.

قلت: وصح هذا القول عن ابن مسعود، والحسن وابن سيرين والأسود وسعيد بن جبير.

والراجح: الرفع بعد الركوع بعد قول سمع الله لمن حمده، قياسًا على الفريضة فإنه قد صح عن النبي أنه قنت بعد الركوع في الفريضة، فكذا الوتر.

ومن قنت قبل الركوع فلا بأس (٧) والله أعلم.


(١) «مسائل عبد الله» (ص ٩١)، و «الوتر» (ص ٣٦٤).
(٢) «سنن البيهقي» (٣/ ٣٩).
(٣) «شرح مشكل الآثار» (١١/ ٣٧٢).
(٤) أخرج عبد الرزاق (٤٩٩٦) بسند حسن لغيره أن الحسن وابن سيرين كانتا يقنتان في الوتر قبل الركعة.
(٥) أخرج ابن أبي شيبة بسند صحيح (٢/ ٢٠٢) عَنِ الأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرَّكْعَةِ.
(٦) أخرج ابن أبي شيبة بسنده (٢/ ٢٠٢) عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقْنُتُ فِي الْوِتْرِ قَبْلَ الرُّكُوعِ.
(٧) وقد صح عن عدد من الصحابة والتابعين القنوت قبل الركوع في صلاة الفجر.
أخرج عبد الرزاق في «المصنف» (٤٩٥٩) عن طارق بن شهاب أنه صلى خلف عمر بن الخطاب الفجر، فلما فرغ من القراءة كبر ثم قنت ثم كبر ثم ركع. صحيح. وأخرج ابن المنذر (٢٣٢٧) بسند صحيح عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ قَرْأَتِهِ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ قَالَ: (اللهُ أَكْبَرُ)، ثُمَّ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْكَعَ كَبَّرَ، ثُمَّ رَكَعَ. وأخرج عبد الرزاق في «المصنف» (٤٩٦١) عن البراء عن عازب أنه قنت في الفجر فكبر حين فرغ من القراءة ثم كبر حين فرغ من القنوت. إسناده صحيح. وصح ذلك عن التابعين كإبراهيم النخعي، والحكم وحماد وغيرهم. انظر «المصنف» لابن أبي شيبة (٢/ ٢٠٧). وقال أبو داود: سمعت أحمد يقول: إذا كان يقنت قبل الركوع افتتح القنوت بتكبيرة.

<<  <   >  >>