للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحيض.

وأجيب عنه بما قاله ابن حزم (١): فَهَذِهِ امْرَأَةٌ سَاكِنَةٌ في مَسْجِدِ النبي ، وَالمعْهُودُ من النِّسَاءِ الْحَيْضُ، فما مَنَعَهَا من ذلك وَلَا نهى عنه وَكُلُّ ما لم يَنْهَ عنه فَمُبَاحٌ.

واستدلوا بما روى البخاري (٢) عن أبي هريرة: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ، سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ» فَانْطَلَقَ إِلَى نَخْلٍ قَرِيبٍ مِنَ المسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ المسْجِدَ، فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

فإذا كان المشرك يمكث في المسجد يومًا واثنين وثلاثًا فمن باب أَوْلى جواز مكث الحائض في المسجد.

والأصل جواز مكث الحائض في المسجد، وليس هناك دليل صحيح صريح يمنع الحائض من دخول المسجد.

وقالوا: لأن الصوم شرط للاعتكاف، والحائض لا يحل لها الصوم، فليس لها أن تعتكف.

واعترض عليه بما ورد عن عمر أنه قال: كُنْتُ نَذَرْتُ في الجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً في المسْجِدِ الحَرَامِ، فَقَالَ لي النبي : «فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ».

والليل ليس محلًّا للصيام، والله أعلم.

ويجوز للمستحاضة الاعتكاف؛ لما روت عائشة قالت: اعْتَكَفَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ امْرَأَةٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ مُسْتَحَاضَةٌ، فَكَانَتْ تَرَى الحُمْرَةَ، وَالصُّفْرَةَ، فَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَهَا وَهِيَ تُصَلِّي (٣).

ويشترط عدم تلويث المسجد؛ ولذا وضعت الطست تحتها، والله أعلم.


(١) «المحلى» (٢/ ٢٥٣).
(٢) البخاري (٤٦٢).
(٣) البخاري (٢٠٣٧).

<<  <   >  >>