للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى ابن خزيمة (١) عن أبي أمامة قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلَانِ … ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أَنَا بِقَوْمٍ مُعَلَّقِينَ بِعَرَاقِيبِهِمْ، مُشَقَّقَةٍ أَشْدَاقُهُمْ، تَسِيلُ أَشْدَاقُهُمْ دَمًا قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يُفْطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ».

قال الشيخ الألباني: هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا؟! (٢).


(١) رواه ابن خزيمة (١٩٨٦)، وابن حبان (٧٤٩١).
(٢) «صحيح الترغيب والترهيب» (١٠٠٥). وقال الشيخ أحمد بن عبد الله السلمي «أخطاء شائعة» (ص ٥٢): فليحذر الذين يغلقون عليهم بيوتهم وأبواب مكاتبهم ويختارون الخلوات لاقتحام المعاصي والإفطار في رمضان، عليهم أن يعلموا أن الله تعالى يراهم ويعلم سرعم ونجواهم وأنه لا تخفى عليه خافية ولا شيء من أمورهم، قال تعالى: ﴿أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ﴾ [الزخرف: ٨٠] فعلى من اقترف هذه المعصية أن يتوب إلى الله ويصوم ويخشى عقاب الله، فإن الإفطار في رمضان دليل على فساد القلب وقبح السريرة والاستهانة بالشرع، وهو على شفا هلكة إن لم يتدارك نفسه ويتوب ويقلع، والله يقول: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لمنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾ [طه: ٨٢].
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها … من الحرام ويبقى الإثم والعار
تبقى عواقب سوء في مغبتها … لا خير في لذة من بعدها النار
وإذا خلوت بريبة في ظلمة … والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها … إن الذي خلق الظلام يراني
فترك الصيام مع القدرة حرب ظاهر وعداوة سافرة لله تعالى ولرسوله واعتداء على مشاعر المؤمنين، واعلم أن من لا صوم له لا عيد له، فالعيد فرحة كبرى بإتمام الصوم وقبول العبادة.

<<  <   >  >>