للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغسل من الجنابة (١).

ودليل ذلك ما ورد في «الصحيحين» (٢): عن علي بن الحسين: أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِيِّ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ تَزُورُهُ في اعْتِكَافِهِ في المسْجِدِ في الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، فَتَحَدَّثَتْ عِنْدَهُ سَاعَةً، ثُمَّ قَامَتْ تَنْقَلِبُ، فَقَامَ النَّبِيُّ مَعَهَا يَقْلِبُهَا .... الحديث.

ووجه الدلالة منه: أن النبي خرج من المسجد وهو معتكف ليقلب زوجته لما خاف عليها أن تسير وحدها ليلًا.

قال ابن قدامة (٣): ويخرج المعتكف من معتكفه للْبَوْل وَالْغَائِط، وَفِي مَعْنَاهُ الْحَاجَةُ إلَى المأْكُولِ وَالمشْرُوبِ، إذَا لم يَكُنْ لَهُ مَنْ يَأْتِيهِ بِهِ، فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، وَإِنْ بَغَتْهُ الْقَيْء، فَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ لِيَتَقَيَّأ خَارِجَ المسْجِدِ، وَكُلُّ مَا لَابُدَّ لَهُ مِنْهُ، وَلَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ في المسْجِدِ، فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهِ، وَلَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ مَا لم يُطِلْ. وَكَذَلِكَ لَهُ الْخُرُوجُ إلَى مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، مِثْلُ مَنْ يَعْتَكِفُ في مَسْجِدِ لَا جُمُعَةَ فِيهِ، فَيَحْتَاجُ إلَى خُرُوجِهِ لِيُصَلِّيَ الْجُمُعَةَ، ويُلْزَمُهُ السَّعْيُ إلَيْهَا، فَلَهُ الْخُرُوجُ إلَيْهَا، وَلَا يَبْطُلُ اعْتِكَافُهُ. وَبِهَذَا قال أبو حنيفة.

وقال بعض أهل العلم: إن الحاجة ليست مقتصرة على الخروج للبول والغائط، بل يدخل فيها كل ما يحتاج الخروج له، وهو ما يخاف من تركه ضررًا في دينه أو دنياه، فيدخل في ذلك الخروج لفعل واجب، وأداء شهادة تعينت عليه، وإطفاء حريق، ومرض شديد، وخوف على نفسه فتنة وقعت، وجهاد تعين، وشهود صلاة الجمعة، إذا كان المسجد الذى اعتكف فيه لا تقام فيه صلاة الجمعة.


(١) «الإفصاح» (١/ ١٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٣٥)، ومسلم (٢١٧٥).
(٣) «المغني» (٤/ ٤٦٦).

<<  <   >  >>