للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قالوا: لأنه لم يدرك في زمن العبادة ما يمكنه التلبس بها فيه (١)، ولعدم أهليَّة الوجوب في أول اليوم.

وقالوا أيضًا: إن إيجاب بعض اليوم لا يصح؛ لأن أقلَّ الصوم الصحيح يومٌ؛ ولأنه من جاز له الأكل أول النهار ظاهرًا وباطنًا، جاز له الأكل في آخره، كما لو دام به المانع، والصوم لا يتجزَّأُ لا وجوبًا ولا جوازًا (٢).

قال الماوردي (٣): وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ؛؛ لأنه لَا يَقْدِرُ عَلَى صِيَامِ هَذَا الْيَوْمِ مَعَ إِسْلَامِهِ في بَعْضِهِ فَصَارَ كَمَنْ أَسْلم لَيْلًا.

واعْتُرِضَ على ذلك بأنه ورد في «الصحيحين» أن النبي بعث إلى قرى الأنصار: «مَنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ»، فأمَر من كان مفطرًا أن يصوم بعض اليوم؛ ولذلك من أفطر يظن أنه آخر يوم من شعبان، ثم تبيَّن له أن هذا اليوم من رمضان، فيُمْسِك باقي اليوم، وهذا صيام بعض اليوم.

وأجيب عنه بأنه هناك فرق بين الحالتين؛ فالكافر إذا أسلم، والصبي الذى احتلم، والمجنون الذى أفاق في النهار - لم يكونوا من أهل الوجوب في أول اليوم؛ فلذلك يجب عليهم الصيام عند الإسلام والبلوغ، ولا قضاء عليهم، وأما الذى أفطر يظن أنه آخر شعبان، ثم تبيَّن له أنه من رمضان، كان من أهل الوجوب في أول اليوم.

القول الثالث: يصوم ما بقى من اليوم وليس عليه قضاء ذلك اليوم، وإنما وجبت الأحكام بعد التكليف، الإسلام أو البلوغ ولأن الإسلام يَجبُّ ما قبله، وهو اختيار شيخ الإسلام.

واستدلوا لذلك بما في «الصحيحين» (٤) عن الرُبَيِّعُ بِنْتُ مُعَوِّذٍ قَالَتْ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ في قُرَى الْأَنْصَارِ قَالَ: «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، وَمَنْ كَانَ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يومه».


(١) انظر: «المغني» (٤/ ٤١٥).
(٢) انظر: كتاب «الصيام» لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص ٥٢).
(٣) «الحاوي» (٣/ ٣٢٨).
(٤) سبق تخريجه.

<<  <   >  >>